بالمواقف والزيارات، وبالرسائل والموفدين يتصدر امن لبنان اهتمام دول العالم، من البوابة «الاسرائيلية»، حيث لا يزال المجتمع الدولي يسعى الى الضغط على لبنان لمنع تمدد رقعة الحرب في المنطقة، في وقت تواصل فيه ادارة الرئيس ماكرون العمل من تحت الطاولة وفوقها «بعكس السير الاميركي»، املا بتمرير الاستحقاق الرئاسي في الوقت الضائع، في رحلة فصل لبنان عن ازمة المنطقة، وتحديدا غزة، التي يبدو ان تسوياتها قد تأخذ وقتا لاتمامها، وهو ما لا يتحمله الوضع اللبناني، ما وضعها في صدام بالوكالة مع واشنطن وبالاصالة مع «تل ابيب»، عبر عنه صراحة رئيس الوزراء الاسرائيلي.
مصادر ديبلوماسية مطلعة على الكواليس الدولية، كشفت بان العلاقة بين البلدين بدأت بالتراجع مع تعيين مدير جديد لجهاز الاستخبارات الخارجية، الذي عمل بشكل وثيق في ملف داخلي له ارتباطات بالجاليات الشيعية في افريقيا، من خلال متابعته لاوضاع اللاجئين من اصول افريقية على الاراضي الفرنسية. وفي هذا الاطار تكشف المعلومات المتوافرة، ان رئيس الاستخبارات الجديد، كان له تأثيره في عدم تسليم «داتا» اساسية طلبتها المخابرات الاميركية «بتكليف» من «الموساد»، ترتبط بالمتمولين اللبنانيين من الشيعة وغيرهم في افريقيا، الذين يدعمون حزب الله ماليا، ويقومون بنقل الاموال اليه عبر اوروبا، وهي مسألة سبق واثارت توترا في العلاقات بين واشنطن وباريس سابقا، على خلفية رفض الاخيرة تلبية الطلب الاميركي.
وتتابع المصادر، ان «تل ابيب» تخوض المعركة بالوكالة عن واشنطن مع باريس، بعدما عاد «الايليزيه» من جديد الى ممارسة التقية السياسية، من خلال ذهابه في التفويض المعطى له ابعد من المطلوب لبنانيا، خصوصا راهنا بعد عودته الى لعب دوره السابق، من خلال محاولة تمريره اتفاق منقوص فيما خص ال1701، مبررا ذلك بخوفه على جنوده المنتشرين جنوبا، فيما الحقيقة مرتبطة بمصالح اقتصادية بناها الفرنسيون في لبنان، والامر الثاني الملف الرئاسي، حيث حاولت فرنسا في غضون الايام تمرير اسم للرئاسة يتوافق مع مصالح الثنائي التي يمثلها راهنا رئيس مجلس النواب.
ورأت المصادر ان المسألة ابعد بكثير من الموضوع اللبناني فهي «قلوب مليانة»، سرها في تصريح بنيامين نتانياهو بان هدف الحرب الحالية، هو تغيير منطقة الشرق الاوسط، اي بمعنى اصح اعادة رسم خريطتها بما فيها الجغرافية من جديد، ما يعني دفن اتفاقية «سايكس- بيكو» نهائيا، وبالتالي انهاء آخر وجود فرنسي في المنطقة، وهو امر لا يمكن ان يكون دون مساعدة وقرار اميركي، خصوصا في حال عودة المرشح الجمهوري دونالد ترامب الى البيت الابيض، ومواقفه المعروفة من الرئيس ايمانويل ماكرون.
وختمت المصادر بان باريس راكمت ما يكفي من الخلافات مع المحور الاميركي- «الاسرائيلي»، وعرضت الامن القومي للطرفين في المنطقة للخطر، بعدما حاولت اللعب على وتر «الشيعية السياسية» في لبنان، محاولة الاستفادة من التناقضات والاوضاع الدولية المعقدة، بعدما اخرجتها واشنطن منذ حرب الخليج الاولى من المعادلة في هذا الجزء من العالم، فمن دورها السلبي في انهاء «ثورة 17 تشرين»، الى محاولاتها المتكررة لتمرير صفقة رئاسية لصالح محور الممانعة في بيروت، اخرجها من لبنان والمنطقة الى غير رجعة، وزيارة وزير الخارجية الفرنسية الى «تل ابيب»، لن تبدل من الواقع شيئا.