الورقة الفرنسية التي حملها وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت، وثيقة استسلام كما نقلت مصادر سياسية عليمة، وهي نسخة طبق الأصل عن اتفاقية ١٧ ايار ١٩٨٣، وورقة كونداليزا رايس ٢٠٠٦، وعنوانها “الشرق الاوسط الجديد”، وهذا ما عبر عنه نتنياهو بوضوح.
وحسب المصادر العليمة، فان الورقة الفرنسية صك استسلام اميركي – اسرائيلي – بريطاني- فرنسي – عربي، يقضي بانسحاب قوات حزب الله الى ما قبل الليطاني، وسحب سلاح المقاومة، ونشر الجيش اللبناني بإعداد كبيرة في الجنوب، على ان يكون العناصر والضباط معروفين بالاسماء، وولاؤهم مضمونا ورواتبهم وتجهيزاتهم وذخيرتهم من القوات الدولية، بعد رفع عديدها ووضع قراراتها تحت الفصل السابع، وبعد ذلك يتم انتخاب رئيس جمهورية وتكون مرحلة جديدة في لبنان، وصولا الى نشر القوات الدولية على طول الحدود اللبنانية – السورية ووضع طريق دمشق – بيروت تحت المراقبة الدولية.
وتؤكد المصادر العليمة، ان نتنياهو يريد تنفيذ كامل بنود الوثيقة فورا وبالقوة، وعبر الاجتياح البري، دون اي نقاش مع الحكومة اللبنانية التي تريد بلسان رئيسها نجيب ميقاتي، وغطاء من الرئيس نبيه بري وقف اطلاق النار اولا للبدء بالمفاوضات والاتصالات، ويحظى المطلب اللبناني بتفهم فرنسي، لكن نتنياهو رفض اي بحث في وقف النار، واصر على تنفيذ الورقة الفرنسية بالقوة، فيما واشنطن مع وقف النار لكن من دون شروط من الحكومة اللبنانية، واعلان تنفيذ الورقة الفرنسية فورا، علما ان هذه الورقة لم تبحث مع اي مسؤول او نائب من حزب الله.
وحسب المصادر العليمة، فان نتنياهو ينطلق في قراره بان حزب الله انتهى، وفقد المبادرة بعد الضربة المميتة التي تلقاها باغتيال امينه العام السيد حسن نصرالله، وقتل معظم قياداته العسكرية، وتهجير جمهوره وضرب معنوياته، والتهويل عليه بقصفه في كل المناطق، وصولا الى سوريا والحديدة في اليمن، وقريبا بغداد وطهران وتطويع العالمين العربي والإسلامي. ويعتبر نتنياهو ان المرحلة تشبه مرحلة ما بعد حرب ١٩٦٧ والهزيمة العربية وسيادة العصر “الاسرائيلي”.
لكن اكثر ما يقلق نتنياهو حسب المصادر العليمة، قدرة حزب الله على ترميم ما تعرض له في الاسابيع الماضية اذا تم التوصل الى وقف النار، ولذلك لا مجال امامه الا القتال والمجازر.
وفي المقابل، رغم انه لا احدا في حزب الله يصدق حتى الآن من اعلى الهرم حتى اصغر عنصر، ان السيد قد استشهد وانهم لم يروه بعد الآن، وهذا ايضا حال جمهور المقاومة وكل اللبنانيين، لكنه سها عن بال “الاسرائيليين” والاميركيين والاوروبيين والعرب، ان السيد نصرالله بنى مؤسسات حزبية متماسكة و قوية، لا تتأثر بغياب اي قائد او مسؤول، وتتألف من صف اول وثان وثالث ورابع، وصولا الى الصف السابع، ويقودون الحزب حاليا بكل جدارة وثقة رغم حجم الخسارة الكبرى. فمنظومة القيادة والسيطرة تتعافى بسرعة من اعلى الهرم الى اصغر محور، وهذه المنظومة تملك السيطرة المطلقة على الارض والمحاور، حيث عادت الاتصالات بين القيادة وأصغر مسؤول محور في الجنوب والبقاع والضاحية، هذا بالاضافة الى ان قدرات المقاتلين في الجنوب لم تمس، وكذلك الصواريخ الباليستية التي تساقطت على القاعادة العسكرية ٨٢٠٠ واصابتها بشكل مباشر، وليس هذا الا البداية، فيما صواريخ الكورنيت من مختلف العيارات تنتظر دورها في المعارك.
وتؤكد المصادر ان المقاتلين ما زالوا عند نقطة صفر في الجنوب، تحت الانفاق وفي المغاور وعلى التلال، ينتظرون المواجهة البرية واعدوا العدة، ولعل ذلك يكون مفتاح الحلول في المواجهة، وتكرار تجربة وادي الحجير ومجزرة الميركافا، وقد زاد المقاتلون شراسة وعشقا للقتال بعد استشهاد السيد وقياداتهم العسكرية، فالحرب جولات وصولات وما زال القتال في الجولة الأولى منها، حيث يتفوق العدو بسلاح الجو والمعلوماتية والتكنولوجيا، فيما المراحل الاخرى تنتظر المواجهات المباشرة وتفوق رجال المقاومة.
وفي المقابل، تواصل “اسرائيل” المجازر ضد المدنيين وكل ادعاءاتها عن وجود اسلحة وصواريخ بين المدنيين ليست الا كاذبة، حتى وصل بها الاجرام الى استهداف المؤسسات الاعلامية.
هذا على الصعيد العسكري، اما على الصعيد التنظيمي فقد عادت مؤسسات الحزب تعمل بشكل عادي، بعد ان نظمت اوضاعها حسب التطورات الحالية، فغرفة العمليات تدير كل الأمور، الإعلام على نشاطه، الهيئات الاجتماعية تهتم بالنازحين، نواب الحزب عادوا الى التحرك والظهور الاعلامي والمتابعة السياسية، واكبر دليل كلمة الشيخ نعيم قاسم التي خضعت للنقاشات، ومثلت الحد الأدنى واكدت على ثوابت الحزب، لكن الآتي أعظم والرد على الجريمة التي اودت بحياة السيد آت حتما، والأهم سيتمثل في انتخاب امين عام جديد للحزب في الايام المقبلة.
وحسب المصادر العليمة، المقاومة مرتاحة جدا للموقفين الإيراني والسوري، وترفض جملة وتفصيلا عمليات التشكيك في الموقف الإيراني، وتعتبر ان ما اصاب حزب الله شكل اكبر ضربة استراتيجية لطهران، وتحديدا بالنسبة لاستشهاد السيد حسن نصرالله وعلاقته بالامام الخامنئي، اما بالنسبة للمأتم الذي سيقام للامين العام فسيكون في لبنان، وسيدفن في الضاحية الجنوبية، لكن موعد الدفن لم يحدد بعد، حرصا من قيادة الحزب على أمن الناس في هذه الظروف العسكرية الصعبة.
وتؤكد المصادر العليمة، ان من رافق عمليات رفع الانقاض من المقربين، يصف مقر إقامة السيد بالمتواضع جدا في نفق تحت الارض فيه مكتب صغير، وكنبة يرتاح فيها احيانا من عناء العمل، وتعليقة صغيرة للثياب والجبة، وغرفتان مجاورتان للزوار والمقابلات التلفزيونية، ونفق يصل للسيارات وفتحات للهواء.
ويضيف المقربون، ٨ غارات بـ ٩٠ قنبلة فراغية ضربت المقر العام لحزب الله ومداخله الأربعة، ودمرت الابنية الموجودة، هذا الانفجار لم نسمع مثله من قبل حتى في حرب تموز، وعندما استهدف المقر العام للحزب حيث اقامة السيد حسن، أدركنا ان الزلزال قد وقع، وتم إنزال المسعفين بحبال على عمق ٣٠ مترا، ووصلوا فورا الى حيث كان يجلس الامين العام على كرسيه المعتاد شهيدا مطوقا من مدير مكتبه، وسبب الوفاة الاختناق جراء الصواريخ الفراغية، التي سحبت الهواء ولم يصب جسده باي جروح.
ويقول المقربون انه منذ خطابه الأخير في وداع القائد فؤاد شكر، كان يردد دائما كلمة الشهادة وموعده مع الموت، وقالوا له بعد الخطاب ارحمنا يا سيد، لماذا تردد هذه الكلمات؟ ارحمنا، هذا الكلام لا يمكن ان نتخيله، ولا يمكن ان نتصور الحياة من دونك، ورد بابتسامته المعهودة.
هذا هو السيد، الشجاع، المتواضع، المحب، القائد، الحنون، الذي تجمعت فيه كل الخصال الشريفة المقاومة الانسانية، والذي لا يشبهه احد ولا يشبه احدا، ولذلك يحاذر كل مسؤولي الحزب بالصف الاول من الاقدام على تولي منصب الامين العام بعد السيد، لادراكهم ثقل المسؤولية.
وتخنم المصادر العليمة، رغم حجم المجازر والتهويل، فان المشروع الاميركي لن ينجح، و ”الاسرائيلي” لن يتمكن من اعادة المستوطنين الى شمال فلسطين المحتلة والاسرى لدى حماس، والمقاومة التي بناها السيد نصرالله لن تهزم، والوفاء لدمه يكون بالسير على خطاه واسقاط مشروع “الشرق الاوسط الجديد”.