Site icon IMLebanon

14 حزيران: قواعد اشتباك جديدة محلية وخارجية لا مكان فيها للتقليد

 

التجديد نواة الرسالة الفرنسية – السعودية.. فهل يعتبر الثنائي وفرنجية؟

 

 

أرست جلسة 14 حزيران الرئاسية قواعد اشتباك جديدة صارت أبعد من ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. ولا تعني مكابرة الثنائي الشيعي أنه لا يدرك تمام الإدراك تداعي مشروعه الرئاسي محليا وفاتيكانيا ودوليا، فيما فرنسا تتحضّر لاستدارة كاملة بعدما تيقّن الرئيس إيمانويل ماكرون من تعثر الصفقة – التسوية، وأن تأمين البيزنس الفرنسي في المطار والمرفأ والاتصالات والبريد وباقي البنى التحتية ليس مرتبطا حصرا بحزب الله أو منوطا به وحده بحق حصري.

كان لا بد من ترشيح جهاد أزعور وحشد ما يلزم من جديّة، حتى يتيقّن الثنائي والفرنسيون أن فرنجية ليس قدرا، وأن المسيحيين ليسوا أهل ذمة في السياسة، مجرّد متلقّين، يضرسون وهم ساكنون، كما أُفعِل بهم بداية التسعينات، ففقدوا ما فقدوه من حضور وتأثير وحجم ودور حتى كان ربيع سنة 2005.

فَعَلَ ترشيح أزعور فعله. أرسى توازنا بائنا لم يستطع تحقيقه ترشيح النائب ميشال معوض، لجملة عوامل أبرزها غياب التيار الوطني الحر الذي سبق أن فقد الثقة بمعوّض منذ اليوم الذي قرر فيه فكّ عروة تحالفه معه غداة 17 تشرين 2019، طمعا بتموضع جديد وتلاقيا مع الموجة الخارجية العاتية التي جعلت، فيما جعلت، سعد الحريري يستقيل وينقض العهد والوعد.

لا نقاش في أنه كان للتيار الدور الأكبر والأبرز في ترتيب قواعد الإشتباك الرئاسي الجديدة، وهو ما بات مسلّماً به من القوات اللبنانية وقوى التغيير، قبل غيرهما من الخصوم. حيثما يميل التيار تميل الدفّة، بدليل الجلسة الرئاسية الأخيرة التي رجّحت عدديا وسياسيا أزعور. وكان بالتأكيد في مستطاعه إنجاح مرشح الثنائي الشيعي لو هو أراد.

في الأصل، نادى رئيس التيار النائب جبران باسيل منذ تموز 2022 بضرورة أن يذهب المسيحيون إلى إلتقاء واتفاق على المرشح الرئاسي تجنّبا لترك الغارب كي تفرض القوى الأخرى مرشحها عليهم. يومها استمع إليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي باهتمام وإنصات، لكن الرفض القواتي أرجأ الحوار فالإلتقاء. وكان ما كان إلى أن أعلن الثنائي فرنجية مرشحه الأوحد والحصري (نبيه بري، 4 آذار 2023)، فصار المسيحيون أمام حتمية التوافق، خصوصا بعدما أخبرتهم باريس بأن اتفقوا على مقابل لفرنجية وإلا سيبقى الوحيد المطروح بجدّ.

 

«حزب الله وأمل أخطآ في تقدير الموقف المسيحي انطلاقاً من عدم فهم أن المسيِّحيين لن يقبلوا العودة إلى بداية التسعينات»

 

لا ريب أن الثنائي الشيعي كان يرى التوافق المسيحي من سابع المستحيلات. هو لم يفقه أو يتلقّف الكم من الرسائل التي وصلته، وفيها كلها أن المسيحيين سيتفقون حتما، عاجلا أم آجلا، في حال بقيتم على جمودكم وغيّكم وفهمكم الخاطئ للدينامية التي تتملّك العقل الجمعي المسيحي الذي لن يقبل تكرار نفي التسعينات والسجن والتهميش والافتئات وتفريخ الزعامات والزعيّمِين.

ظل الثنائي على جموده: فرنجية أو الفراغ. لا بل ذهب حدّ إبراز التحدّي الأعلى في وجه الخصوم: التعطيل الرئاسي يتحمّل مسؤوليته المسيحيون، فليتّفقوا (نبيه بري تكرارا، آذار ونيسان وأيار 2023). وعندما جاءه الإتفاق من حيث لم يحسب، رجمه وحزب الله.

ما كان محمودا بإلحاح صار، بين ليلة الإتفاق المسيحي وضحاها، من صنع الرجيم.

أمس، تلاقى ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على ضرورة تجديد الحياة السياسية اللبنانية من طريق التأسيس لقيادات شابة غير تقليدية على قدر التحديات الحاصلة في المنطقة، على النسق الذي يصنع بن سلمان في المملكة. هذه الرسالة وحدها كفيلة بأن يتمعّن الثنائي في الآتي والمأمول وأن يقلع عن فكرة جديدة تراوده يحشر فيها سعد الحريري مكان نواف سلام، وأن يتصرّف على أساس أن التجديد سنَّة الحياة والفقه، فينصرف الى تضميد ما فتقَ من جراح وفتح من ندوب قد لا تلتئم أو تلتحم بيسر.

تلك الرسالة الفرنسية – السعودية كفيلة كذلك، وخصوصا، في أن يلتقط فرنجية تلك الإشارة المباشرة، وأن يتوقّف عن النبش والنكش بين السطور السعودية تارة عن «لا ممانعة، ولا فيتو» وطورا عن «موافقة آتية» واهمة، فيعْدل في موقفه.. وعن ترشيحه.