Site icon IMLebanon

القصة الكاملة لوساطة الخليلين مع المير طلال

 

لم يكن اللبنانيون في حاجة الى ملف النفايات وتكدسها في الشوارع ليتبينوا عقم الطبقة السياسية جميعها وخصوصا المشاركة في الحكومة وعجزها عن حله او ايجاد مخارج للملفات الاخرى. ولعل اخطر ما افرزته «مشكلة القمامة» هو هذا التصنيف الطائفي والمناطقي الخطير والذي ينم عن «توجه مرعب» في الايام والاسابيع والاشهر المقبلة. هذه الانطباعات والاستنتاجات ليست الوحيدة التي باتت راسخة في قناعة ووجدان المقاومة وسيدها و«استاذها» وكل حلفائها وجمهورها ومريديها. من هذا المنطلق تؤكد مصادر قيادية بارزة في 8 آذار تابعت عن كثب تطورات الملف البيئي الشائك، ان تدخل حزب الله عبر معاون امينه العام الحاج حسين الخليل وقيامه باتصالات ووساطات يصب في خانة اعتبار الحزب ان الاستقرار هو الاساس وان اي جهد يمكن ان يصرف في هذا الاتجاه من شأنه ان يعزز الاستقرار وان يفتح كوة حل في جدار الازمة. وتشير المصادر الى ان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله عندما دق ناقوس خطورة التعاطي المذهبي والطائفي مع قضية النفايات والمطامر في احدى اطلالاته العاشورائية كان يدرك تماما ما يجري، ويعي خطورته من الجوانب كافة لا سيما البيئية والصحية والانسانية الى المعضلة الحكومية. وكان حزب الله يعتقد ان حل مشكلة النفايات والتوافق حول المطامر من شأنه ان يعيد الحكومة الى الانعقاد والتقرير وتسيير عجلة الامور الملحة في البلد.

من هذا المنطلق تؤكد المصادر ان الرئيس نبيه بري عمل جاهداً على خط انجاز مشروع الحكومة او ما بات يعرف بخطة الوزير اكرم شهيب وسعى الى ايجاد مطمرين في الجنوب لم يكشف حتى الساعة موقعهما على ان يكون الاختيار بينهما من قبل اللجنة الفنية التابعة لجنة الحكومة المخصصة لحل مشكلة النفايات.

وتلفت المصادر الى ان الحلقة الاخيرة من الملف علقت عند مطمر الكوستا برافا، حيث تبدل رأي بري بعد ضغط من النائب وليد جنبلاط وعاد عن رفضه لمطمر كوستا برافا اذا رفض النائب طلال ارسلان السير به. لكن تبديل رأي بري وعودته عن تعهده لارسلان بعدم السير في هذا المطمر، دفعت ارسلان الى رفع الصوت عاليا لا سيما بعد شعوره انه وقع في «الفخ» الذي نصبه له جنبلاط واخرون واعتماد الكثير من الطبقة السياسية الى وضع ارسلان واهالي الشويفات تحت الضغط وتصوير ان مصير الحكومة لبنان وملف النفايات متوقف على رفض او موافقة ارسلان واهالي الشويفات. هذا الضغط الهائل استدركه المير وقلب الطاولة واتصل بالرئيس تمام سلام الذي اكد انه ابلغ شهيب عدم سيره بالمطمر والخطة وعدم دعوة الحكومة الى الانعقاد الا اذا وافق المير وأوفد اليه احد معاونيه الى خلدة للوقوف الى خاطره وشرح موقفه وانه ليس طرفا في «لعبة بري – جنبلاط». بعدها انتفض المير واكد انه سيكون اول المتظاهرين اذا رفض الناس المطمر وان جنبلاط يوافقه. هذا التصعيد من ارسلان قابله جنبلاط بالطلب من بري تدخل حزب الله لدى ارسلان لاقناعه بالموافقة، فكانت زيارة الخليلين الى خلدة ولقائهما المير. وخلال اللقاء اصر ارسلان على الوقوف عند رغبة الاهالي وفعاليات الشويفات من الدروز وغيرهم لا سيما ان حصيلة مشاوراته كانت سلبية وان الناس رفضت الركون مجددا الى وعود الدولة وزيفها وان قضاء عاليه والشويفات تحملت نفايات لبنان 17 عاما فعلى ماذا حصلت سوى على الامراض والسرطانات. خرج الخليلان من خلدة بانطباع سلبي ايضا وابلغا الامر الى كل من بري وجنبلاط ورئيس الحكومة واصر حزب الله على الوقوف عند رغبة الاهالي وارسلان واحترام اي قرار يتخذونه.

لم يغير ارسلان وفق المصادر من جوابه الاول وخصوصا بعد اصرار اهالي الشويفات على قرارهم النابع فقط من خلفية بيئية وصحية وليست سياسية او طائفية. وفكانت طاولة الحوار الثلاثاء التي شهدت «انفجار» ارسلان في وجه جنبلاط حيث خرج الاخير ممتعضا من طلب ارسلان ان يرافقه على الارض ليقف على رأي الناس فـ«هرب» جنبلاط من طلب ارسلان ورمى الكرة في ملعب الوزير اكرم شهيب الذي يعتبره ارسلان مسؤولا عن «توريطه» في مواجهة مع جمهوره وناخبيه وقاعدته الشعبية.

وتضيف المصادر لم تنته تداعيات رفض ارسلان «توريطة» جنبلاط، حيث اوعز الاخير الى شهيب لاطلاق «حملة اقتصاص» سياسي بدأها شهيب من السراي بعد لقائه سلام وليتوجه صباح اليوم التالي بتصريحات صحافية استفزت ارسلان ومن حوله ودفعته الى الرد ببيان قاس وبعبارات مبطنة يدرك معانيها وابعادها جنبلاط وشهيب. وتشير المصادر الى ان المير لا يرغب في تصعيد الموقف مع الحزب التقدمي والاشتراكي ولا مع جنبلاط ولا يريد لمناصريهما ان يحتكا ويوترا الارض وان مشروعه السياسي قائم على معادلة اساسية وهي ان استقرار الجبل وترتيب الخلاف السياسي داخل البيت الدرزي يحصن استقرار الوطن وان استقرار الوطن لا يكون بالخلاف مع المقاومة وطعنها في ظهرها وحماية المقاومة ممتدة الى حماية خاصرتها في سوريا والتصدي لكل مؤمرات التقسيم والتفتيت والارهاب والتكفير.