IMLebanon

وظيفة قراءات متسرّعة في التحولات الاقليمية

دور حزب الله في حرب سوريا أكبر بكثير من دوره في معركة جرود عرسال بشقيها القتالي والتفاوضي وطابعها التحريري. وهما بالطبع دور واحد ضمن منظومة اقليمية ودولية تواجه منظومات اقليمية ودولية في صراع جيوسياسي أوسع من الجغرافيا السورية واللبنانية، وأبعد من محاربة الارهاب التكفيري. لكن توظيف معركة الجرود ضد جبهة النصرة بدا أسهل من توظيف المعارك الكبيرة على أرض سوريا. لا فقط بالنسبة الى ايران بل أيضا بالنسبة الى أطراف عدة الى جانب حزب الله في لبنان.

ذلك ان طهران تهنّئ نفسها، وهي تهنّئ بيروت وبشكل خاص الضاحية الجنوبية بالنصر. وتنظر الى أرباحها فترى ان لبنان له مكانة مهمة في المنطقة وصار يحسب له ألف حساب، كما قال الرئيس حسن روحاني. أما التوظيف في لبنان، فانه وصل الى حدود غير مسبوقة على مستوى الخطاب الشعبي، وسط الصمت الرسمي. حزب الله أدار المعركة على أوسع مدى سياسيا واعلاميا بوسائله ووسائل سواه الى حد الايحاء انه يدير البلد كله. وبين الأوساط التي كان هاجسها الدائم السيادة وقرار الحرب والسلم، من ذهبت به الحماسة لمحاربة الارهاب الى وضع السيادة وقرار الحرب والسلم بين قوسين. لا بل أن التوظيف، تحت عنوان امتداح الجيش والوقوف وراءه والاستعداد لتسليمه الجرود التي تمّ اخراج ارهابيي النصرة منها الى ادلب، وصل الى تحديد المهام التي على الجيش القيام بها والدعوة الى التنسيق مع الجيش السوري وحزب الله.

وليس بالبراعة وحدها أو بهوية الأرض المحررة وحدها، كانت قدرة حزب الله على توظيف دوره في الجرود أكبر من قدرته على توظيف دوره في حرب سوريا. فالتحولات في سوريا والمنطقة والقراءات اللبنانية والاقليمية والدولية فيها هي التي ساهمت في المناخ الجديد. والسؤال هو: الى أين تتجه التطورات في المنطقة؟ هل اقتربت التحولات في سوريا من تبلور الصورة النهائية أم لا؟

هل تأكد انتصار محور الممانعة كما يرى حزب الله الذي قال أمينه العام السيد حسن نصرالله منذ الانخراط في حرب سوريا ان من يريد دورا في مصير لبنان يجب أن يكون حاضرا في مصير المنطقة، ثم قال مؤخرا ان المستقبل في المنطقة لمشروع المقاومة الذي سيخرج من الحرب منتصرا؟ هل نحن أمام المدّ أم الجزر الايراني؟ هل تعمل الادارة الأميركية على استراتيجية لتطبيق طلب الرئيس دونالد ترامب ضرب النفوذ الاقليمي لايران أم ان التفاهم الأميركي مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي يدير اللعبة في سوريا سيقود الى خيارات أخرى؟

القراءات المتسرعة في التطورات هي التي سهّلت توسيع التوظيف.