كالصاعقة وقع خبر زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك للرياض على رؤوس مسؤولي تيار المستقبل. في العلن: لا تعليق على «اللقاء المعجزة». ولكن داخل الغرف الزرقاء أسئلة واستفسارات وتساؤلات تصل الى حدّ الاعتراف الخجول بالأمر، ليس من باب العلم بالشيء، بل لأن «ليس في السياسة صداقات دائمة أو عداوات دائمة». الصدمة المستقبلية ضاعف من هولها شخصية الزائر السوري الى مكتب ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فمملوك، بحسب مصادر في المستقبل، هو «شريك الوزير السابق ميشال سماحة في نقل الموت إلينا»!
تفضّل المصادر إبقاء خبر الزيارة موضع شك «ما دمنا لم نسمع حتّى اللحظة تأكيداً من أي من الطرفين المعنيين»، ولكن «إن صحّت الزيارة فإنها تعني أن الرياض التي كانت رأس الحربة في المعركة ضد الرئيس بشار الأسد، ووضعت كل إمكاناتها السياسية والمالية لإسقاط نظامه، تعيد خلط الأوراق في حرب انغمسنا فيها، نحن حلفاءها، حتّى العظم. وهي، باستضافتها شخصية كمملوك، كأنها استقبلت الأسد نفسه».
ومع تواتر التأكيدات عن حصول الزيارة وعدم نفي الرياض لها، يمنّي المستقبليون أنفسهم بأن «اللقاء اتصال أوّلي تضمّن، بحسب ما كُتب، شروطاً وشروطاً مضادة. وقرار الجانب السوري إيفاد مملوك يعبّر عن تحدّ أكثر منه انفتاحاً. ولو كان هناك نيّة سورية للتفاهم لما اختارت دمشق مملوك موفداً».
إذا أرادت المملكة التراجع لن تقف على خاطر الحريري
ولكن، بعيداً عن «حالة الإنكار»، ماذا عن انعكاسات مثل هذه الزيارة على تيار المستقبل، الطفل المدلل للمملكة، وعلى رئيسه سعد الحريري؟
تقرّ المصادر بأنه «إذا كان للمملكة مصلحة في التراجع عن هدف إسقاط بشّار الأسد فستفعل ذلك، وهي لن تقف على خاطر سعد الحريري ولا غيره». فهو «رئيس حكومة سابق. موجود في الرياض لأن الظروف السياسية والأمنية لا تسمح له بالعودة، ولأنه ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري». لكن «في السياسة الخارجية السعودية، فهي حتماً لا تستشيره، ولا تُخبرنا إلا إذا كان لها مصلحة في أن نعلم. أما غير ذلك فنحن نتلقى الأخبار شأننا شأن غيرنا».
المفارقة أن المستقبليين الذين كانوا ينحنون احتراماً «لشجاعة المملكة في محاربة الأسد ونظامه»، متباهين بـ«عاصفة الحزم» التي «ستغيّر معالم المنطقة»، لم يكتفوا بتسويغ «تجاهلهم كأقرب حليف للسعودية في لبنان»، بل ذهبوا إلى حدّ تبرير «التكويعة السعودية»، بالقول إن «تراجع الرياض عن هدفها في سوريا، يعود إلى أن اليمن هو من يتربّع على رأس الأولويات السعودية، وأي ملف آخر في المنطقة يأتي بعد اليمن بمسافات»، كذلك فإنها «خطوة على طريق اتفاق لا يعني سوريا والمملكة حصراً، بل يطال الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي حتماً».
رغم التبريرات، لا يخفي المستقبليون استياءهم من اعتماد حليفتهم «هذا الأسلوب الفج، خصوصاً أنها ليست في مرحلة ضعف»! أكثر ما يؤرّق هؤلاء «خيبة أمل جمهورنا الذي سيكون مضطراً إلى تقبّل استدارة المستقبل في حال ارتأت المملكة ذلك. فهي حين حاربت نظام بشار الأسد، وقف سعد الحريري كجندي في أول صفوف المحاربين، وهو طبعاً لن يغيّر ولاءه في حال اقتضت المصلحة السعودية تغيير السياسة، وسيكون لزاماً عليه السير وراءها، حتى لو فرضت عليه الإقامة أسبوعاً كاملاً في قصر المهاجرين»!