تبدي مصادر سياسية متابعة لمسار علاقة لبنان بالدول المانحة، إضافة إلى المولجين بالملف اللبناني في عواصم أوروبية، مخاوفها وقلقها من إحتمال فشل المؤتمرات الدولية التي يجري الإعداد لها في روما وباريس، حيث علم أن التأجيل الذي حصل للمؤتمرين يرتدي طابعاً هاماً مرتبطاً بالعناوين السياسية البارزة في لبنان، كما بالتطوّرات الدراماتيكية على الساحة السورية. وأوضحت أن ما يحصل من اشتباك إقليمي ودولي على الأرض السورية، هو مرشّح للتفاعل في المرحلة المقبلة، لا سيما في ضوء ما أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن هواجس وقلق في موسكو من احتمال الوصول إلى تقسم في سوريا، وذلك على خلفية الدخول العسكري التركي إلى شمال سوريا، وبالتالي، فإن إدخال أسلحة نوعية للمعارضة والمسلحين من الولايات المتحدة الأميركية، يؤشّر إلى اتجاه أميركي لتصعيد غير مسبوق، الأمر الذي ستكون له انعكاسات سلبية على الساحة اللبنانية، والتي لن تكون هذه المرة بمنأى عن «كرة النار» السورية، ومن هنا، تزدحم الهواجس المحلية والدولية حول الإستحقاقات بكل تلاوينها.
ومن هذا المنطلق، فإن نتائج المؤتمرات التي يترقّبها لبنان من روما إلى باريس، يسودها الغموض إلى الآن، حتى أن وزيراً مواكباً للإستعدادات الجارية، يؤكد أن هذه الدول لن تفي بالتزاماتها، وأن القرارات أو النتائج ستلاقي مصير المقرّرات الصادرة عن المؤتمرات السابقة، أي أنها ستبقى «حبراً على ورق»، وذلك بدلالة تنصّل الدول المانحة من المتوجّبات المالية التي كانت قد أقرّت في مؤتمر بروكسيل الأخير.
وانطلاقاً من هذه الصورة القاتمة، يكشف الوزير نفسه، أن ما من ضمانات على حصول لبنان على مساعدات من مؤتمر «باريس 4»، وخصوصاً أن الخلاف الناشئ بين لبنان وإسرائيل حول البلوك النفطي رقم 9، ما زال من دون أي حلول حتى الساعة، وذلك بدلالة فشل مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد، في التوصّل إلى أي تسوية إيجابية، لا بل يقال نقلاً عن أوساط مقرّبة من عين التينة، ان كل لقاءات ساترفيلد في إسرائيل كانت فاشلة.
تضاف إلى كل هذه المعطيات، القرارات الأميركية الجائرة ضد «حزب الله» و«المقاومة»، والتي ستؤثّر بشكل خاص في الدول المانحة، نظراً لما تملكه العاصمة الأميركية من تأثير في هذه الدول، الأمر الذي سيؤدي إلى وضع شروط أميركية ضد أي دعم دولي للبنان، وذلك بحجة أن هذا الدعم قد يذهب إلى أيادي «حزب الله»، وبشكل خاص في حال دعم السلطة اللبنانية بالسلاح النوعي.
وأخيراً تكشف المصادر السياسية نفسها، أن الإستحقاق النيابي المقبل، قد بات عاملاً مؤثّراً في الموقف الدولي بشكل عام من لبنان، وذلك بعدما تردّد في الفترة الأخيرة أن الإنتخابات النيابية المقبلة، ستزيد من نفوذ «حزب الله» في المجلس النيابي العتيد، وهذا الواقع قد دفع إلى تسجيل سابقة من حيث الدعم الخليجي لهذه المؤتمرات، إذ تتحدّث المصادر نفسها، عن غياب الحماسة الخليجية بالنسبة للمشاركة، أو لتمويل مؤتمرات الدعم للدولة اللبنانية.