IMLebanon

“المستقبل” والحكومة: انتظرونا بعد 11 أيار

 

إفتراضياً، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري حاضر. تغريداته عبر منصة تويتر لم تغب يوماً. متابع لعيد الأم، لشؤون “المختار”، وأخبار “كورونا”، وذكرى كمال جنبلاط، وقبلها ذكرى 14 آذار، وعيد المعلم، ويوم المرأة العالمي، وصولاً إلى أحوال المصارف والخشية من “وضع اليد عليها والانقلاب على النظام الاقتصادي”.

 

ولكن عملياً، يغيب الحريري عن الشاشة والمنبر. آخر اطلالاته كانت في أبو ظبي في زيارة قيل إنها استمرت يومين. قبلها ترأس المجلس المركزي لـ”تيار المستقبل” ليحضّه استعداداً لنفضة شاملة ستدق أبوابه قريباً من شأنها تدشين مرحلة جديدة يفترض أن تواكب “البورتريه” الجديد لسعد الحريري بعد خروجه من السلطة بضربة “الانهيار المالي”.

 

بالمبدأ، انتقل “تيار المستقبل” من قلب الموالاة إلى عمق المعارضة مع جلوس حسان دياب في السراي الحكومي. أقله هكذا تشي صورة الانقلاب في موازين القوى الداعمة للحكومة، حيث لم تجد حكومة دياب إلّا قوى الثامن من آذار لتغطيها نيابياً وتمنحها الثقة.

 

ولكن فعلياً، لا يزال “المستقبل”، كما بقية القوى المفترض أنها معارضة، على مسافة مقبولة من الحكومة، تحت عنوان “الفرصة” الممنوحة لها كي تظهر “خيرها من شرّها”. كل التركيز على سلوك السلطة التنفيذية وأدائها، ولكن في المقابل، الكل مقتنع أنّ الحكومة هي الفرصة الأخيرة قبل الطوفان الكبير والغرق الشامل.

 

لن يتمكن أحد من النجاة من التايتانيك إذا وقعت في محيط الفوضى المالية التي يعود عمرها إلى عقود وليس سنوات. ولذا لا بدّ من العضّ على الجرح وانتظار معجزة ما قد ترتب الأوضاع نسبياً. وها هو فيروس كورونا يزيد من سوداوية المشهد وصعوبته، ويدفع بالجالسين على مقاعد الاعتراض إلى التسلّح بالتقية والشدّ على أيدي الحكومة للتصلّب في اجراءاتها الوقائية، لاعتقاد الجميع أنّه بعد مرور عاصفة الكورونا، ثمة عاصفة أخرى ستهب لن تكون أقل وطأة وقساوة.

 

ومع ذلك يؤكد القريبون من “تيار المستقبل” أنّه “من الصعب تحديد أوجه التلاقي مع الحكومة الحالية، لأنّ سياساتها الاقتصادية والمالية والمعيشية لا تزال ضبابية، غير واضحة المعالم، كونها قيد الدرس والتداول، وهي باستثناء قرار تعليق دفع استحقاق “اليوروبوند” وما تردد عن خلافات حول مشروع قانون “الكابيتال كونترول”، لم تكشف عن توجهاتها العامة التي لا تزال طي الكتمان أو التردد”.

 

ويشيرون إلى أنّه “من الواضح أنّ حجم الأزمة الذي تعاظم في الأشهر الأخيرة، هو أكبر من قدرات الحكومة الذاتية، ويبدو أن فريق العمل الحكومي، الذي سمي تحت عنوان فريق اختصاصيين وأصحاب خبرة يحتاج دائماً لدعم أصحاب الاختصاص والخبرة، الجالسين خلف صفوف الحكومة”.

 

وفق هؤلاء، “تخطت الأزمة كل التوقعات فيما تحاول الحكومة تقديم حلول نظرية ولا قدرة لها في المقابل على تحقيقها فتبدو وكأنها تدور في حلقات مفرغة من دون أي تطور جدي”.

 

ويلفتون إلى أن “الحكومة تضيّع الوقت بالبحث عن دراسات ومشاريع بينما هناك ورقة اصلاحية أعدتها الحكومة السابقة، وهناك بيان وزاري للحكومة السابقة والذي يشكل ورقة عمل يمكن الاستفادة منها. إذ يمكن العودة الى تلك النصوص التي تشكل قاعدة أساسية لا غنى عنها”.

 

ولكن لماذا لم تنفذ الحكومة السابقة بيانها الوزاري بالحدّ الأدنى؟ يجيبون: “استقالة الرئيس سعد الحريري عنوان رئيس من عناوين الإجابة”.

 

أبرز ما يلفت إليه القريبون من “تيار المستقبل” هو أنّ الحكومة الحالية “تعمل في الغرف المغلقة وربما شكلت أزمة الكورونا عاملاً مساعداً للتغطية على المسارات الاقتصادية، لكن هذا لا يلغي حقيقة أن الحكومة لم تبادر حتى اللحظة الى أي اتصال خارجي، دولي أو عربي، وهي تتحدث مع نفسها فيما المطلوب أن تتوجه إلى العالم وإلى الدول العربية، لأنه من دون ذلك لن يكون هناك أي رهان على الخروج من النفق المالي والاقتصادي مهما اجترحوا من افكار ونظريات”.

 

بالنسبة لهم “مؤتمر سيدر أسّس لهذا التوجه، وكان ثمرة لجهود حثيثة أطلقت مرحلة جديدة من التضامن العربي والدولي مع لبنان وانتجت برنامجاً متكاملاً للاستثمار والنهوض الاقتصادي، ولكن تمت عرقلته ووضعه في الثلاجة إلى أن يقضي الله امراً كان مفعولاً”.

 

وحده قطاع الكهرباء قد يفتح الباب أمام معالجة جدية قد تلقى قبولاً رسمياً من المعارضين اذا ما نجحت الحكومة في تسديد “ضربة العمر”. يقول القريبون من المستقبل إنّ “هناك حديثاً جدياً عن حل جديد لمشكلة الكهرباء على الطريقة المصرية يقضي بالتفاوض المباشر مع الشركات الكبرى، وهو أمر سعى اليه الرئيس الحريري منذ سنوات ولكن من دون جدوى. وسيكون من المفيد الانتقال الى هذا التوجه وطي صفحة مريرة من صفحات هدر الوقت وهدر المال العام”.

 

بمطلق الأحوال، يفضل “المستقبليون” التريث قليلاً قبل اصدار الحكم النهائي على الحكومة. يلتزمون بالمهلة التي وضعها حسان دياب لنفسه ولفريقه الوزاري وهي التي تنتهي في 11 أيار المقبل بعد اتمام فرصة المئة يوم. عندها يمكن فصل الخيط الأبيض عن الأسود. يؤكد القريبون: “سننتظر والعالم ينتظر. المهم الافراج عن الأفكار المخفية، وبعدها لكل مقام مقال”.