من اللحظة الاولى لولادة القانون الانتخابي وقبل الوصول الى مرحلة اعلان المرشحين والتحالفات، فان تيار المستقبل كان يعرف ماذا يريد ان يفعل في دائرة الشمال الثالثة مهما اتجهت تحالفاته سواء صوب 8 آذار او التيار الوطني الحر او نحو القوات والمستقبل، فرئيس المستقبل كان يعتبر ان لا دخل له في تغليب اي فريق على الآخر في الدائرة المسيحية الصرف وترجيح فوز اي فريق على الآخر مما يحتسب عليه في المستقبل، فالدائرة لها خصوصيتها السياسية والمسيحية كون مقاعدها مسيحية صرف وهي دائرة المرشحين الثلاثة لانتخابات 2022 فاقتضى الحذر من قبل المستقبل وقياس ودرس الخطوات تحسبا لاي دعسة ناقصة.
وقد تأخر كثيرا حسم التيار الأزرق لموقفه في هذه الدائرة بخلاف دوائر كثيرة توضحت فيها التحالفات المستقبلية، وهذا التأخير يمكن ربطه برغبة خاصة من الحريري نفسه كما تقول اوساط شمالية بترك الموضوع رهنا بمفاوضات الربع ساعة الاخير للمعركة من جهة، ولأن الحريري يدرك تداعيات قراره سواء اصطف الى جانب اي فريق، فالمستقبل لا يملك مرشحا في هذه الدائرة المسيحية المسيحية بامتياز التي لها عشرة نواب، ولكن المستقبل يملك كتلة ناخبة سنية ومؤيدين له خصوصا انه كان يرشح النائب فريد مكاري، كما ان الحريري محرج في خوض معركة مباشرة مع اقطاب الدائرة فهو ان وقف الى جانب المردة اساء الى التيار الوطني الحر وان ساند الاخير خسر فرنجيه صديقا سياسيا كما ان تحالف المستقبل والقوات قطع اشواطا في عدد من الدوائر. اضف الى ذلك ان كثيرين اعتبروا ان رئيس المستقبل يتطلع الى المعركة الكبرى المجاورة لمعركة الشمال الثالثة التي يتطاحن فيه زعماء السنة الاقوياء في طرابلس المنية والضنية المتاخمة للشمال الثالثة مما قد يترك تداعيات خطرة عليها.
في الشمال الثالثة ثلاثة مرشحين مفترضين للاستحقاق الرئاسي جميعهم من الشخصيات التي كان ولا يزال يكن لها سعد الحريري حرصا وعلاقة ضمن الاصول يحرص عليها مهما كبر التباعد السياسي، فالوزير فرنجيه رغم التباعد في التحالفات الا انه صديق شخصي وكان قبل الرئيس ميشال عون خيارا حريريا لرئاسة الجمهورية قبل ان تنقلب وتتبدل المعطيات، سمير جعجع هو حليف ثورة الأرز «الكبير» الذي لم ينافسه على موقعه احدا فعندما «كان سمير جعجع حليفا اختفى الآخرون»، اما التيار الوطني الحر فان رئيس الجمهورية هو الخيار السياسي لسعد الحريري الذي لعب أدى محوريا في الكثير من الازمات السياسية لمصلحة سعد الحريري وان كان خيارهما في الانتخابات قد يختلف وبعض التحالفات اما رئيس التيار فللقصة اسرارها وتفاصيلها والعلاقة لا يعرف مكنوناتها الا قليلون.
بدون شك فان رئيس الحكومة لا يريد ان يكون مقررا منذ اليوم لمن سيكون رئيسا بعد اربع سنوات، الفوز في هذه الدائرة ان الرابح فيها «رمزيا» سيكون الاقوى في الانتخابات الرئاسية المقبلة افتراضيا، اصطفاف الحريري الى جانب احد الاحزاب من شأنه ان يبدل ولو جزئيا في نتائج المعركة لمصلحته لكن الواضح كما يقول المتابعون في هذه الدائرة وفق عملية الرصد الاولية ان القوات والمردة يحضران للمعركة من دون الحريري على مستوى هذه الدائرة وبحيث يتكلان على قدرتهما الذاتية وحدها تقريبا…
بحسب اوساط شمالية فان المستقبل لم يبلغ احدا رسميا بموقفه في هذه الدائرة وكيفية توزيع اصواته لكن المكتوب يقرأ من عنوانه، انكفاء النائب فريد مكاري واكتفاؤه بالجلوس في المقعد الامامي في احتفال مرشحي المستقبل له مفهومه ورسالته برغبة المستقبل عدم الدخول في الصراع المسيحي على مستوى الدائرة، وعدم تسمية مرشح مسيحي له مدلولاته ايضا، الارجح ان المستقبل سيقوم بتوزيع اصواته على الجميع الا على حزب الكتائب لعدم تحميله اي نتائج لاي خيار انتخابي يرجح كفة فوز احد على حساب الآخرين.