لم أكن أتصوّر يوماً من الأيام أن يتوقف تلفزيون «المستقبل» بالرغم من معرفتي بأنه لا يوجد إعلام من دون دعم سياسي، وبمعنى أدق من دون المال السياسي.
معظم وسائل الإعلام في العالم بحاجة الى دعم مالي لكي تستمر وتقوم بواجبها، لأن المشروع الإعلامي هو، من حيث المبدأ، مشروع تجاري فاشل.
تلفزيون «المستقبل» توقف لأنّ الرئيس سعد الحريري لم يعد يستطيع أن يدفع الملايين سنوياً لدعم هذه المؤسّسة الإعلامية، ومن أسفٍ شديد أنه لا توجد مساعدات عربية مثل التي كانت تدعم الإعلام اللبناني مثل أيام الملك فهد بن عبدالعزيز وصدّام حسين ومعمّر القذافي وحتى جمال عبدالناصر.
صحيح أنّ الأيام تغيّرت وأنّ الإعلام اللبناني في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كان حاجة عربية، أما اليوم فلم يعد مثل السابق، لأنّ الدول العربية باتت تمتلك إعلامها الخاص بها، وبفضل الإمكانات المالية الضخمة (مثل الكويت والسعودية وقطر وأبوظبي…) أصبحت الأولوية في دول الخليج هي الإعلام المحلي: تلفزيونات، راديوات، صحف (جرائد ومجلات).
وصحيح أيضاً أنّ الإعلام اللبناني لا يزال الإعلام الأكثر حرية مقارنة بالإعلام العربي، خصوصاً أنّ الإعلام العربي هو موجّه الى حد كبير، بينما الإعلام اللبناني لا يزال عنده هامش كبير من الحرية والقدرة على قول الحقيقة مهما كانت جارحة.
أظن أنّ هناك مسؤولية كبيرة تقع على الدول العربية وبالأخص الدول التي تملك الإمكانيات المالية الكبيرة والتي هي بحاجة الى الإعلام اللبناني لأنّ المعركة بين العرب والفرس هي معركة مصير ووجود، وفي الوقت الذي دفعت إيران مئات ملايين الدولارات لإنشاء مؤسّسات إعلامية تلفزيونية وصحافية (تلفزيون «الميادين») وتدفع الملايين في لبنان لهذه الغاية، نرى الإعلام الوطني محروم من الدعم من أي طرف عربي متمكن باستثناء دولة الكويت التي لا تزال تساعد هذا الإعلام اللبناني الذي يمر في ضائقة.
إلى ذلك، نرى أنّ هناك مسؤولية وطنية على الرجالات الوطنيين وخصوصاً المتمكنين منهم، إذ انّ عليهم واجباً لدعم المؤسّسات الوطنية، إلا انّ هناك تقصيراً كبيراً في هذا المجال.
وبالرغم من هذه الصعوبات، اليوم، لا أزال أراهن على صحوة عربية وصحوة وطنية، لا بدّ من أن تكون إعادة النظر بالمؤسّسة الإعلامية الوطنية تلفزيون «المستقبل».
عوني الكعكي