كان من المثير ان يقال الكلام من أرض تنام على بحيرة من النفط، ولعل ما يثير الإعجاب ان يقف الذين يملكون أكبر محفظة مالية ويعتبرهم صندوق النقد الدولي من أكبر الإقتصادات نمواً، وينظرون الى البعيد ويحضّرون للمستقبل المسرع، وقت تهرول المنطقة الى الوراء.
وهكذا عندما وقف ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد امام القمة الحكومية التي عقدت في دبي، ليقول ان المستقبل ليس نفطاً بل انساناً وان الرهان في عمق استراتيجيا دولة الأمارات، يقوم على عنصر الشباب المتعلم وعلى مواكبة العصر والأسهام في صناعة التطور، بدا واضحاً ان ما يتدفق في الإمارت ليس آباراً للنفط لن تدوم، بل افكاراً وخططاً عن المسؤولين لا تنضب.
واذا كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم قد صنعا الوحدة الأنجح والأقوى في التاريخ العربي، فان الأبناء كفيلون بدفع الدولة الصاعدة الى الفضاء، فليس سراً ان الامارات هي واحدة من تسع دول تملك برنامجاً فضائياً مثل أميركا وروسيا والصين وان لها مسباراً يتجه ليهبط على المريخ سنة ٢٠٢١!
تعمّد الشيخ محمد بن زايد الربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، عندما ذكّر بأنه يوم قيل للشيخ زايد المؤسس “انك تدلّع شعبك”، قال “أنا لا أدلّع بل اقوم بواجبي”، وهكذا فعل ويفعل الأبناء اليوم، ولهذا “فانني أنظر الى المستقبل بعد ٥٠ عاماً وأتساءل: ماذا سيكون وضع الامارات بعد نهاية عصر النفط، لأقول إن رهان المستقبل ليس نفطاً بل شباب الامارات المتعلّم، اننا نمضي حثيثاً في مشاريع الطاقة النووية النظيفة”.
ليست القصة مجرد شعارات فقبل ايام نقلت الوكالات صورة للشيخ محمد بن راشد حاكم دبي يصافح انساناً آلياً متفاعلاً سيكون جزءاً مهماً من المستقبل البشري، واذا كانت المدينة الذكية المهتمة ببرامج دمج الآلي بالبشري إختارت سناء حسن المرزوقي متحدثة رسمية باسمها، واذا كان الشيخ محمد بن زايد قد كشف ان المرأة الاماراتية شريكة اساسية في البناء وانها تشكّل نسبة ٨٣ ٪ من العاملين في مصنع هياكل الطائرات الأماراتي المنتج لمكوّنات بوينغ وآيرباص، واذا تذكرنا الأحوال البائسة للمرأة العربية عموماً، نعرف تماماً لماذا الامارت هي ثانية كبرى الدول في القوة الشرائية للفرد فالقصة بشر وليست نفطاً فحسب!
فازت دبي باستضافة اكسبو ٢٠٢٠ تحت عنوان “اننا سندهشكم”، وكما بدت رؤية محمد بن زايد مدهشة، تأتي الدهشة الآن من حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي يرعى أحد أنجح منتديات الإتصال الحكومي وقد أقامه مستقطباً عشرات من الشخصيات العالمية لنقاشات تتمحور حول إزالة العوائق بين السلطة والفرد … ودائماً بهدف الحكم الرشيد .