IMLebanon

موقف «المستقبل» من عودة الحريري رسالة في أكثر من اتجاه  

 

أظهرت الأيام الأخيرة المواكبة لاعلان الرئيس سعد الحريري من الرياض استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية المزيد من الغموض في المواقف والمعطيات، وعلى المستويات الرسمية والشعبية.. وراحت المساعي بعيداً بهدف جلاء حقيقة ما جرى وما يضخ من معلومات وتسريبات تعززت أكثر مع الموقف الذي عبرت عنه كتلة «المستقبل» النيابية والمكتب السياسي لـ»تيار المستقبل» في اجتماعهما الاستثنائي في «بيت الوسط» أول من أمس، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، معتبرة ان «عودة الرئيس الحريري «الزعيم الوطني» ضرورة لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتفاق الطائف واحتراماً للشرعيتين المحلية والدولية..». ومؤكدة «وقوفها مع الرئيس الحريري وقيادته قلباً وقالبا ومواكبته في كل ما يقرره تحت أي ظرف من الظروف..».

 

رسالة بالغة الأهمية والدلالة، وفي أكثر من اتجاه.. خصوصاً وأن مساعي اعادة الرئيس الحريري الى لبنان تجاوزت كل المتوقع كما تجاوزت حدود الدول بهدف اجلاء حقيقة الوضع وقد تمثلت بالمهمة التي أوكلت الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وقادته الى العاصمة الفرنسية باريس قبيل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الرياض التي وصلها مساء أول من أمس.. وهي زيارة تقاطعت مع اعلان الرئيس ماكرون اجراء اتصال «غير رسمي» بالحريري.. كما وتقاطعت مع المعلومات التي تحدثت عن ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كلف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الذي من المقرر ان يزور السعودية بعد غد الاثنين متابعة مسألة عودة الحريري الى لبنان..

لا يخفي عديدون قلقهم مما جرى ومما يمكن أن يجري ويحصل لاحقاً، خصوصاً وأن الرياض تابعت تصعيدها في الاتجاه اللبناني ودعت رعاياها الى مغادر لبنان وعدم السفر اليه، في وقت كان وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان يغرّد على موقعه قائلاً: كل الاجراءات المتخذة تباعاً في تصاعد مستمر ومتشدد حتى تعود الامور الى نصابها الطبيعي..»  هكذا، لم تقف الحرب بين الرياض و»حزب الله» عند حدود معينة، والمخاوف تزداد تباعاً من ان تتسع دائرة الخيارات متجاوزة كل ما كان يعتبر خطوطاً حمراء..

حتى الآن، يعتصم الرئيسان ميشال عون ونبيه بري والصمت النسبي المحفوف بالغمزات ومعهما النائب وليد جنبلاط الذي غرّد أمس قائلاً: بعد اسبوع من إقامة جبرية كانت او طوعية لعودة الشيخ سعد الحريري والاتفاق معه على استكمال مسيرة البناء والاستقرار، وبالمناسبة لا بديل عنه. والجميع يتصرف على أساس من ان الحكومة قائمة وان اعلان الرئيس الحريري استقالته بهذا الشكل لن يغيّر من كامل أوصافها..» ومع ذلك فإن المساعي غير الظاهرة الى العلن، توحي بمنسوب عالٍ من القلق حول حقيقة ما جرى وما يجري وما قد تؤول اليه التطورات.. وقد انضم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى رافعي شعار «الاولوية لعودة الحريري»..

تؤكد قيادات في «المستقبل» ان «لا صوت يعلو فوق صوت التوافق والتفاهم على اولوية حتمية لا رجعة عنها» خلاصتها: «الاستقرار والاستمرار في التشاور حول سبل تمرير المرحلة بأقل الاضرار الوطنية الممكنة.. ولأن الرأي الرئاسي استقر بين بعبدا وعين التينة على عدم الشروع باتخاذ أي خطوة دستورية تفاعلية مع استقالة الرئيس الحريري قبل عودته الى بيروت.. لقطع الشك باليقين حول مسألة استقالته حتى يبنى عليها مقتضاها الدستوري والسياسي والحكومي..»؟!

وخلافاً لما يظهر الى العلن، فإن المساعي الرئاسية للوقوف على حقيقة ودوافع استقالة الحريري، وتحديد موعد عودته الى بيروت تجاوزت حدود التداول.. وفي هذا، تؤكد مصادر رئاسية، ان لقاءات الحريري في الرياض قبل يومين سفراء فرنسا وبريطانيا والقائم بالأعمال الاميركي، ورئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي في المملكة – كل على حدة – كانت بمبادرة من هؤلاء واستجابة لطلب لبناني رسمي.. وقد اعتصم الجميع بالصمت بسبب ان «المحادثات خاصة حساسة وديبلوماسية..»؟!

ليس من شك في ان المسألة، على ما أظهرت التطورات – اكثر تعقيداً مما كان متصوراً.. وإذ يمضي الرئيس عون في مشاوراته التي خلص اليها أمس بلقاء مجموعة الدعم الدولية والسفراء العرب في محاولة لتبديد الغموض حول معنى وشكل إقامة الحريري في الرياض وعدم قيامه بأي اتصال معه، او مع أي من المسؤولين الرسميين منذ تقديم استقالته السبت الماضي، حتى اليوم، فإنه سيعيد الطلب من هؤلاء التدخل لجلاء الغموض المحيط بوضع الرئيس الحريري.. خصوصاً وقد كان لافتاً موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد زيارة أول من أمس، المفتي دريان تعليقاً على ما أشيع عن مبايعة بهاء الحريري بدلاً من الرئيس سعد الحريري، واصفاً هذا الكلام بأنه «يدل على جهل وتخلف لطبيعة السياسة في لبنان..».

هناك شبه اجماع لبناني على ان الرئيس سعد الحريري هو رئيس حكومة كل لبنان الفعلي ولا بديل.. على رغم استبعاد البعض عودته عن الاستقالة على خلفية النظر اليها من ناحية المضمون، لا من ناحية الشكل..» الامر الذي يضع البلد أمام المزيد من التعقيدات المتشابكة والمقلقة، تماشياً مع ما يدور في المنطقة من صراعات محاور.. وتأكيد السعودية على لسان كبار قادتها على أنها لن تسمح للبنان بأن يكون قاعدة للهجمات ضد السعودية.. في اشارة الى «حزب الله» وما يمثل.. وهو المتهم بالخروج عن سياسة «النأي بالنفس» التي اعتمدتها الحكومة واقحم لبنان في قضايا خارجية ليست موضع اجماع وطني..