معركة دائرة «بشرّي – الكورة – البترون – زغرتا» مُهمّة لرئيس «تيّار المردة» سليمان فرنجيّة لأنّ نوّاب «المردة» الثلاثة الحاليّين ينتمون إلى زغرتا، وهي مُهمّة لرئيس «تيّار الوطني الحُرّ» جبران باسيل أيضًا لأنّه خسر معركته النيابيّة في البترون خلال دورتين إنتخابيّتين ويطمح هذه المرّة لإثبات شعبيته فيها. وهي مُهمّة كذلك الأمر لكل من حزب «الكتائب اللبنانيّة» الذي يرغب بإستعادة مقعده في البترون بعد أن كان يُمنح تعويضًا عنه في طرابلس، وللحزب القومي السُوري الإجتماعي الذي يُريد بدوره إستعادة مواقع نيابيّة فقدها إعتبارًا من دورة إنتخابات العام 2005، وللنائب بطرس حرب الذي نجح في تمثيل المنطقة لأكثر من أربعة عُقود ونصف، مع إستثناء دورة العام 1992 التي أخذ فيها مع غيره من القوى والشخصيّات قرار مُقاطعة الإنتخابات. أمّا حزب «القوّات اللبنانيّة» فهو يتطلّع بدوره للدفاع عن مواقع أربعة نوّاب ينتمون إلى «الحزب» في هذه الدائرة، أي نصف عدد نوّاب «القوّات» الحاليّين. وكل ما سبق يجعل المعركة هناك قاسية ومصيريّة لأكثر من جهة، فما هو تأثير تعديل بعض التحالفات في هذه الدائرة على النتائج؟
بحسب أوساط سياسيّة شماليّة مُطلعة إنّه بعد تموضع كل من أحزاب «القوّات» و«الكتائب» و«اليسار الديمقراطي» في لائحة واحدة، يكون كل من «تيّار المستقبل» ورئيس «حركة الإستقلال» ميشال معوّض والنائب بطرس حرب هم أبرز الخارجين من التحالف السياسي الذي كان قائمًا في إنتخابات العام 2009، تحت راية قوى «14 آذار». في المُقابل، إنّ وضع فريق «8 آذار» ليس أفضل حالًا، بسبب تموضع «التيّار الوطني الحُرّ» هذه المرّة بوجه التحالف بين «المردة» و«الحزب القومي السوري الإجتماعي». ولفتت الأوساط نفسها إلى أنّه لا يُمكن أن لا تؤثّر التغييرات في التحالفات في النتائج العامة لدائرة «بشرّي – الكورة – البترون – زغرتا» التي تضم أربع لوائح تتنافس على 10 مقاعد (7 موارنة و3 أرثوذكس)، حيث ستتوزّع المقاعد النيابيّة بحسب التقديرات على اللوائح الثلاث الأساسيّة، باعتبار أنّ فرصة اللائحة الرابعة غير المُكتملة المدعومة من «المجتمع المدني» غير كبيرة، وذلك لأسباب عدّة، أبرزها أنّ هذه المنطقة من لبنان تُعطي أهمّية كبرى لبعض الزعامات المناطقيّة، ولأنّ فيها عائلات عشائريّة عدّة، والكثير من ناخبيها محسوب على القوى والتيّارات السياسيّة، ولانّ فيها أيضًا صراعات حزبيّة ومناطقيّة وتارات قديمة.
وأشارت الأوساط السياسيّة الشماليّة المُطلعة نفسها إلى أنّه بمُوازاة توقّع أن تنحصر المعركة الفعليّة بين اللوائح الثلاث الحزبيّة، ما لم تحصل مُفاجآت باهرة، ومع توقّع أن يُصوّت نحو نصف الناخبين في دائرة «بشرّي – الكورة – البترون – زغرتا» فإنّ «الحاصل الإنتخابي» مُقدّر بنحو 12500 صوت. وأضافت أنّ اللائحة المدعومة من «القوات – الكتائب – اليسار الديمقراطي» ضامنة لحاصل إنتخابي ونيّف في بشرّي، وقادرة على الوصول إلى عتبة «الحاصل الإنتخابي» تقريبًا في كل من البترون والكورة، وهي تملك أقلّ بقليل من نصف «حاصل إنتخابي» في زغرتا، ما يعني أنّ هذه اللائحة مرشّحة للفوز برقم يتراوح بين 3,5 و4 «حاصل إنتخابي» تبعًا لحجم التصويت المُؤيّد الذي سيحصل، وتبعًا لحجم «المُؤيّدين وبخاصة «القوّاتيّين» الذين سيُقدّمون الإعتبارات الشخصيّة والمناطقيّة على الحزبيّة، بحيث قد لا يمنحوا أصواتهم للائحة «القوّات» بل لكل من النائب حرب ومعوّض.
وتابعت الأوساط السياسيّة الشماليّة، إنّ اللائحة الثانية القويّة في دائرة «بشرّي – الكورة – البترون – زغرتا» هي اللائحة المدعومة من كل من «المردة – القومي – النائب بطرس حرب» والتي ستستفيد أيضًا من بعض أصوات مؤيّدي «تيّار المُستقبل» في المنطقة، شأنها في ذلك شأن اللائحة السياسيّة الثالثة المدعومة من كل من «التيار الوطني الحُرّ – ميشال معوّض»، والتي ستستفيد بدورها من أصوات جزء من مُناصري «تيّار المُستقبل» في هذه الدائرة. وأشارت الأوساط نفسها إلى أنّ عدد الناخبين السنّة والشيعة مجموعين في بشرّي يقلّ عن 150 ناخبًا وبالتالي لا تأثير لهم على النتائج هناك، وعدد الناخبين الشيعة في كل الدائرة يقلّ عن 2500 صوت ما يحد من تأثيره أيضًا. وأضافت أنّه في المقابل إنّ عدد الناخبين السنّة في كل من الكورة وزغرتا والبترون يبلغ أكثر من 22000 ألف ناخب، ما يعني أنّ تصويت نحو نصفهم في إتجاه معيّن قادر على تغيير النتيجة بحاصل إنتخابي كامل، وتوزيع أصواتهم نحو كل من الوزير باسيل في البترون ونحو المرشّح طونية فرنجيّة في زغرتا، كفيل بتأمين كسر إنتخابي مُهمّ لكل من الطرفين، علمًا أنّ أصوات «المُستقبل» في الكورة ستصبّ كلّها نحو النائب نقولا غصن الذي سيستفيد من دعم مهمّ بالصوت التفضيلي. ولفتت الأوساط السياسيّة الشماليّة إلى أنّه بناء على ما سبق، إنّ حزب «القوّات» هو المُتضرّر الأكبر من موقف «تيّار المُستقبل» في هذه الدائرة، لأنّ قيادة «المُستقبل» راعت حساسيّة علاقتها مع كل من «المردة» و«الوطني الحُرّ» لكنها أخذت موقفًا إنتخابيًا عدائيًا إزاء «القوّات» في هذه الدائرة، الأمر الذي لا بُدّ وأن يترك آثارًا سياسيّة سلبيّة بعد ظُهور النتائج، خاصة إذا تبيّن أنّ تصويت «المُستقبل» هو الذي أسفر عن تراجع حصّة اللائحة المدعومة من «القوات» لصالح منافسيها.
وبالنسبة إلى توقّعات إتجاه المعركة، إستبعدت الأوساط السياسيّة الشمالية التمكّن من خرق مقعدي «القوّات» في بشرّي، لكنّها توقّعت أن يتمكّن المرشّح ميشال معوّض من خرق أحد مقاعد المردة «الثلاثة» في زغرتا، وأن يتمكّن الوزير باسيل من الحُصول على لقب سعادة النائب في البترون بعد مُحاولتين سابقتين فاشلتين. وتابعت أنّ تحالف «القوّات – الكتائب – اليسار» يتمتّع بأفضليّة طفيفة في هذه الدائرة ككل، حيث سيكون قادرًا على الفوز بأربعة مقاعد في حال أحسن إدارة معارك «الصوت التفضيلي»، بينما ستتوزّع المقاعد الست الباقية على لائحة تحالف «المردة – القومي – حرب» و«الوطني الحُرّ – معوّض» – بمُساعدة «المُستقبل» بطبيعة الحال، إمّا مُناصفة أي بنتيجة 3 مقاعد لكل لائحة، وإمّا 4 مقاعد للائحة المدعومة من «المردة» في مقابل مقعدين فقط لتحالف «باسيل – معوّض»، مع التذكير أنّ هذه الأرقام تبقى في خانة التحليل والتقدير حيث أنّ الكلمة الفاصل هي لصناديق الإقتراع في نهاية المطاف.