لم يعد “تيار المستقبل” يتنكّر لأزمته المالية. صار يتعامل معها كأمر واقع ويلجأ إلى اتخاذ تدابير لا ينكر مرارتها حتى على شعبيته وجمهوره، لكنها قد تكون أهون الشرّين بالنسبة إليه ما بين تقليص عدد الموظفين أو استفحال الأزمة المالية. ربما هي ورشة كان لا بد وأن يجريها “المستقبل” بمثابة مراجعة طال انتظارها لحسابات تيار صار يعاني من تخمة موظفين يزيد عددهم على المهام المطلوبة.
لعل أكثر ما يحتاجه “المستقبل” هو العودة بالتيار إلى خريطة العمل الحزبي المناطقي حيث الشكوى من الانكفاء وسط انطباع باتساع الهوة في العلاقة ما بين القاعدة والقيادة.
ولمعالجة الأزمة، يبدو أنّ الحل آخذ في التبلور على شكل عملية ترشيد وترشيق في الموظفين، على شاكلة ما تم في عدد من المؤسسات “المستقبلية” لا سيما الإعلامية منها.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ “تيار المستقبل” سيشهد إعادة هيكلة وظيفية باتجاه ترشيق عدد العاملين في المؤسسات التابعة له ومن ضمنها مؤسسة “التيار” بهدف التصدي للأزمة المالية التي شكّل عامل تخمة الموظفين سبباً رئيساً في استفحالها.
فبالنسبة لقيادة “تيار المستقبل”، لم يعد من مجال سوى الشروع في اتخاذ التدابير الآيلة لوقف النزف المالي بغية تأمين استمرارية العمل الإداري في “التيار”، باعتبار أنّ المسألة مرتبطة حصراً بالشأن الإداري والمالي البحت ولا علاقة لها بالشأن التنظيمي الذي يؤكد القيمون عليه أنه يتجه نحو مزيد من التطوير، لا سيما في ضوء التحضيرات الجارية على قدم وساق لانعقاد المؤتمر العام الثالث لـ “التيار” العام المقبل.
وفي المعلومات المتوافرة في هذا المجال، أنّ هناك دراسة قيد الإعداد حول أعداد الموظفين وتوزيعهم ومكامن التخمة الوظيفية والمهام التي يقوم بها كل موظف وإمكانية حصر المهام بعدد أقل من الموظفين الحاليين، وهي دراسة تتمحور حول هدف مركزي: ترشيق عدد الموظفين ممن يمارسون عملاً إدارياً داخل “التيار”.
وعلى خط موازٍ لمسار إجراءات الترشيق الوظيفي، تفيد المعلومات أنّ الدراسة تلحظ تأمين آلية واضحة لحقوق الموظفين الذين سيتم الاستغناء عن خدماتهم وذلك من ضمن إطار التوجه العام الرامي إلى وضع حد للأزمة المالية المستفحلة، مع ضمان استمرار مستلزمات تأمين العمل اليومي والمهام الانتاجية المطلوبة من “التيار” تحت سقف الميزانية المرصودة وليس بما يتجاوزها.
كما يتجه “تيار المستقبل” إلى الانتقال من العمل الوظيفي لعدد من المهام الداخلية باتجاه تكريس مفهوم العمل الحزبي التطوعي، خصوصاً في بعض المهام التي لا تستلزم عملاً وظيفياً دائماً ومستمراً بالاستناد إلى وجود جمهور واسع لـ”التيار” لا يفوّت فرصة العمل من أجل مصلحة تياره السياسي من دون مقابل.
وحول مكامن الخلل الوظيفي أو تلك التي تشهد تخمة موظفين، عُلم أنّ المقر المركزي لـ”التيار” في بيروت، فيه من المهام الوظيفية ما يفيض عن اللازم والضروري، كما أنّ هناك عدداً من فائض الموظفين في المناطق والمنسقيات وهذه أيضاً ستخضع للترشيق بحسب الحاجة والضرورة. ويبقى أن عملية الترشيق بمجملها ستشمل عدداً محدداً من الموظفين لن يتجاوز المئة أو المئتي موظف في أبعد تقدير… إجراء لم يكن يرغب “التيار الأزرق” في اللجوء إليه لولا انه وجد نفسه مسيّراً لا مخيراً باتجاه المعالجة المالية والإدارية بما يؤمن ميزانية مستقرة تحرّر “التيار” وتنقله من التخمة الوظيفية إلى الرشاقة الحزبية.