الثلاثاء المُقبل تنتهي المُهلة القانونيّة التي تنصّ على ضرورة دعوة الهيئات الناخبة قبل ثلاثة أشهر من انتهاء ولاية المجلس النيابي، مع التذكير أنّ البرلمان الحالي كان مدّد لنفسه مرّتين مُتتاليتين لولاية ثانية كاملة تنتهي في 21 حزيران المُقبل. وبما أنّ النجاح في إقرار مُطلق أي قانون جديد غير مُمكن في الساعات والأيام القليلة المُقبلة، تفرض أسئلة عديدة نفسها، أبرزها: هل ستجري الإنتخابات وفق القانون النافذ حالياً أم ستدخل السُلطة التشريعيّة في حال من الفراغ؟ وهل سيستمرّ البحث للتوصّل إلى قانون جديد، وأي صيغة مُقترحة هي الأكثر حظًا؟
بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ الأغلبيّة الساحقة من القوى السياسيّة ترفض رفضاً قاطعاً انتهاء ولاية المجلس الحالي من دون حُصول انتخابات جديدة أو على الأقلّ التمديد للنواب الحاليّين، لأنّ الدخول في الفراغ التشريعي يُسقط البلاد في مجموعة من المشاكل القانونيّة والدستوريّة التي هي في غنى عنها، ويزيد الأمور تعقيداً بدلاً من حلّها، خاصة نتيجة غياب السُلطة التشريعيّة التي ستقرّ أيّ مشروع جديد في حال التوصّل إلى تسوية بعد حين. وأضافت أنّ الأغلبيّة الساحقة من هذه القوى هي مع التمديد لفترة زمنيّة محدودة للمجلس الحالي، إلى حين التوصّل إلى قانون انتخابي جديد، ولوّ أنّها لا تُعلن ذلك بسبب الإحراج الذي يُسبّبه هذا الموقف. ولفتت الأوساط السياسيّة نفسها إلى أنّه حتى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو مع «التمديد التقني»، ولكن بشرط أن يتزامن ذلك مع الإعلان عن التوافق على «قانون انتخابي جديد»، بحيث يُصبح التمديد ضرورة للتحضيرات اللوجستيّة المطلوبة لا أكثر.
وعمّا سيحصل بعد 21 شباط الحالي، شدّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة على أنّ وزارة الداخلية مُلزمة قانوناً بتوجيه الدعوات إلى الهيئات الناخبة، لكنّ رئيس الجمهورية سيستخدم السُلطة الممنوحة له في الدستور لعدم التوقيع على هذه المراسيم، ما يجعلها غير نافذة، وعندئذ ستكون الجهات السياسيّة أمام مهلة إضافيّة حدّها الأقصى ثلاثة أشهر لإقرار قانون انتخابي جديد، قبل انتهاء الولاية المُمدّدة للمجلس الحالي.
وفي ما خصّ الجديد على مُستوى القانون الانتخابي الموعود، أكّدت الأوساط السياسيّة نفسها أنّ «المُستقبل» بات مُقتنعاً أنّ إجراء الانتخابات وفق «قانون الدوحة» لن يحصل، مهماً كانت المواعيد ضاغطة ومهما كانت المخاطر كبيرة، بسبب وجود مُعارضة واسعة لهذا الأمر. لذلك، وفي الوقت عينه، شدّد «تيّار المُستقبل» عبر أكثر من «قناة تواصل» معه، على أنّ إقرار مُطلق أي قانون انتخابي جديد يستوجب المرور بكتلته النيابية وبكتلة حليفه النائب وليد جنبلاط وكذلك بالعديد من الكتل والنوّاب الآخرين، وأنّه من دون هذا الغطاء النيابي الواسع لا شرعيّة ميثاقية لأي قانون جديد، حتى في حال التسليم جدلاً أنّ القانون المَعني تجاوز بنجاح محطة التصويت بالأغلبيّة في المجلس النيابي. وأضافت الأوساط السياسيّة نفسها أنّ «المُستقبل» أبلغ كل من يُفاتحه بمسألة قانون الانتخابات، بأنّه لن يقبل بغير «قانون مُختلط»، وأكثر من ذلك، ليس بمُطلق أي «قانون هجين» يجمع بين التصويت الأكثري والتصويت النسبي، إنّما بقانون مُختلط ينال مُوافقة مختلف القوى الحليفة له، ويحظى بإجماع وطني عام.
وكشفت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها، أنّ «تيّار المُستقبل» واثق بأنّ حزب «القوات اللبنانيّة» لن يقبل ضرب «تيّار المُستقبل» سياسياً، وسيُجاريه بمطلبه الداعي إلى إقرار قانون انتخابي وفق صيغة «المُختلط» حصرا، في حال كان القانون المَنشود يُؤمّن لأصوات الناخبين المسيحيّين هامش حركة واسع ومختلف عن الهيمنة السابقة التي كانت تخضع لها هذه الأصوات في العديد من الدوائر الانتخابية المُختلطة. وأضافت الأوساط السياسيّة نفسها أنّ «المُستقبل» مُقتنع تماماً أنّ «التيار الوطني الحُر» سيُجاريه أيضاً في الدعوة إلى إقرار قانون انتخابي يعتمد صيغة «التصويت المُختلط»، في حال كان تقسيم الدوائر عادلاً وفي حال كانت المعايير المُعتمدة واحدة في مختلف المناطق، مشيراً إلى أنّ الدليل الدامغ على ذلك هو طبيعة القوانين الانتخابية المُتتالية التي اقترحها الوزير جبران باسيل والتي لا يزال يقترحها.
ونقلت هذه الأوساط عن مصادر في «تيّار المُستقبل» أنّه وبغضّ النظر عن التصاريح العلنيّة، وعن المُزايدات الكلاميّة في بعض الأحيان، فإنّ لا انتخابات وفق النسبية الكاملة، والمخرج الوحيد المُتاح هو صيغة «القانون المُختلط» التي تحتاج الى بعض الوقت الإضافي لإنجاز تفاصيلها التنفيذيّة. وتابعت هذه الأوساط نقلاً عن مصَادر «المُستقبل» أنّه في حال انتهاء المُهل القانونيّة والاستمرار في رفض صِيغ القوانين المُقترحة والتي تعتمد مبدأ «التصويت المُختلط»، يكون هدف القُوى المُعرقلة هو الوصُول إلى الفراغ، وإلى مُشكلة كبرى لا تنتهي إلا بمؤتمر وطني، وربّما بصيغة جديدة للحُكم في لبنان.