Site icon IMLebanon

لعبة أميركا وروسيا في محاربة داعش

 

الرئيس فلاديمير بوتين يرى، خلافا لحلفائه في حرب سوريا، ان هزيمة داعش لم تكتمل بعد. إذ هو يحافظ على البنية التحتية التنظيمية ويغيّر التاكتيك. والجنرال الروسي ايغور كوناشينكوف يتهم أميركا بأنها تمنع هزيمة داعش، ويعتبر ان العقبة الرئيسية أمام إتمام هزيمة داعش في سوريا ليست القوة العسكرية للارهاب بل مغازلة أميركا ودعمها له.

وليس ذلك أمرا قليل الدلالات في المرحلة الحالية، بصرف النظر عن تبادل الاتهامات حول من صنع داعش ومن وظّف دوره. ففي خطاب دمشق وطهران وحزب الله، داعش صناعة أميركية – اسرائيلية – تكفيرية. وفي الخطاب الأميركي داعش صناعة ايديولوجية محلية وسياسية اقليمية، بحيث سبق للرئيس دونالد ترامب القول في كتاب له صدر عام ٢٠١٥ تحت عنوان عظيمة ثانية ان ايران تمثل ما يصبحه داعش اذا حقق سيادة حقيقية ونال اعترافا ديبلوماسيا وبدأ يبني مجموعة حلفاء ومناصرين في الشرق الأوسط والعالم.

وفي رأي الخبراء، كما يقول علي صوفان في كتابه تشريح الارهاب: من بن لادن الى صعود الدولة الاسلامية، ان داعش ديني أولا وسياسي ثانيا، وان جاذبيته هي الخلافة، وان في طليعة صانعيه من كانوا من ضباط صدام حسين وأبرزهم حاجي بكر وأبو مسلم التركماني.

وفي الواقع، فان الدعم العسكري الأميركي للقوات العراقية كان عاملا حاسما في تحرير الموصل والرمادي وبلدات كثيرة من داعش. ومن دون الدعم الجوي الأميركي لما تمكّنت قوات سوريا الديمقراطية وقبلها وحدات حماية الشعب الكردي من ربح معركة كوباني وتحرير سدّ الطبقة ومعظم مدينة الرقة عاصمة الخلافة. لا بل ان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزف دانفورد يقول ان الأولوية لمحاربة داعش. وأكثر الانتقادات الموجهة الى أميركا من حلفائها تتعلق باعلان الادارة الأميركية ان الهدف الملحّ وشبه الوحيد لها في سوريا هو القضاء على داعش.

والسؤال بالطبع هو: لماذا تتكرر الاتهامات المتبادلة بين روسيا وأميركا حول من يحارب داعش بالفعل ومن يدعي محاربته وهو يقاتل مجموعات أخرى؟ هل المشكلة هي نقص الشراكة وسط حاجة الطرفين الى الشراكة الكاملة في الحرب على الارهاب وادارة اللعبة بعد الحرب؟ هل هي المعادلة التي وضعها الدكتور هنري كيسينجر في حديث أخير له مع موقع بريطاني بالقول: التعاون بين الغرب وروسيا ممكن وبنّاء اذا كانت موسكو تسعى لهزيمة داعش، ومتعذر اذا كانت تسعى للهيمنة الاستراتيجية، وهي مطلبها التاريخي؟

الواضح ان العلاقات الأميركية – الروسية محكومة بشيء من التفاهم وشيء من الخلاف ضمن التعاون والتنافس على المستوى الاستراتيجي.

والحقيقة، كما قيل، هي الضحية الأولى في الحرب.