IMLebanon

لعبة الحرب والتسوية من منظار بوتين

 

الرئيس فلاديمير بوتين يرى ان الشروط اللازمة لإنهاء الحرب في سوريا متوافرة. كيف؟ لا هو كشف علنا أي تصور أو تفاصيل تحت هذا العنوان الكبير. ولا الذين يحادثونه في الاجتماعات المغلقة أفصحوا عن شيء مما سمعوه في العمق. ومتى؟ بعد دخول الانخراط العسكري الروسي المباشر في الحرب يوم ٣٠ أيلول ٢٠١٥ عامه الثالث وضمان الوجود العسكري في قواعد جوية وبحرية لنصف قرن.

لكن موسكو التي تقاتل ضمن أجندة واحدة تتصرف على أساس ان حرب سوريا حربان: واحدة نطلق عليها اسم حرب أهلية تولت فيها حماية النظام وقصف تنظيمات معارضة مسلحة. وهذه تكاد تنتهي بالتوصل الى تفاهمات روسية مع أميركا وقوى اقليمية على مناطق خفض التصعيد. وأخرى ضد داعش والنصرة وكل التنظيمات الارهابية. وهذه مستمرة بعنف في الرقة ودير الزور والبادية على امتداد وادي الفرات، حيث الانخراط الأميركي المباشر الى جانب الانخراط الروسي. ولا أحد يعرف متى تنتهي، وان كانت نهاية دولة الخلافة الداعشية وامارة النصرة القاعدية حتمية.

وليس أهم من نهاية الحرب التي صارت في عامها السابع سوى ان تقود الى بداية التسوية السياسية. وما حدث حتى الآن في محادثات جنيف وسواها منذ ظهور التصور الدولي الأول للعملية السياسية عبر بيان جنيف – ١ قبل خمس سنوات هو شراء وقت في رهانات للنظام والمعارضين على حلّ عسكري. وما أكدته الوقائع هو استحالة الحلّ العسكري بمعنى الانتصار لطرف واحد حتى قبل أن تصبح سوريا ساحة لقوات روسية وأميركية وايرانية وتركية. لا بل ان الحرب كانت في أحد وجوهها وأدوارها، وسيلة للهرب من التسوية السياسية للأزمة السورية.

لكن كلفة الهرب من الحلّ السياسي الى الحلّ العسكري بدت بالملموس أكبر من أي ثمن لأية تسوية سياسية. فالعالم كله اليوم في سوريا التي كانت تمتلك قرارها الحرّ وتمارس دور اللاعب الاقليمي المهمّ. وهي معطوبة ومنكوبة ومنهوبة. نصف شعبها نازح وأكثر من النصف في حاجة الى مساعدات. تدمير العمران يرافقه تخريب النسيج الاجتماعي الوطني. والأزمة السياسية تفاقمت وتعددت أبعادها وكشفت بؤس القوة برغم البأس وخواء الشعارات ونفاق المجتمع الدولي.

والمسار واضح، بصرف النظر عن المكابرة. كل نهاية للحرب من دون تسوية سياسية هي تسليم بستاتيكو مناطق خفض التصعيد. واعادة الاعمار من دون تسوية سياسية تنهي الحرب هي مهمة محدودة.

والرئيس بوتين لم يكتم القول ان التسوية تحتاج الى تفاهم روسي – أميركي وتفهم المصالح الاقليمية وان اعادة الاعمار تحتاج الى الغرب والشرق.