دخل البلد في حمّى الإنتخابات النيابية العامّة. هذه حقيقة لا يلغيها الهدوء الذي يطفو على سطح هذا المستنقع اللبناني الذي يخنقه التلوّث. والجميع يتصرّفون على قاعدة إن ساعة الإنتخابات ستدق في أوانها، أي في شهر أيار المقبل…. وربّـما يكون ثمة تقديم للموعد، ولكن قطعاً لن يكون هناك تأخير، أي تمديد جديد.
فالرئيس ميشال عون لن يقبل، بأي شكل من الأشكال، أن يوقع عهده في مقتل التأجيل الذي سبق أن حذّرنا العهد من الوقوع فيه. والذين على تعامل مع الرئيس يجزمون بأنّ التأجيل غير وارد في قاموسه. بل إنه لا يريد أن يسمع به، ولا حتى يستسيغ مجرّد الإشارة إليه.
وإذا قيست الأمور بمقياس الكلام الذي يصدر هنا وهناك وهنالك فإنّ الجميع، أياً كانت مواقعهم يقولون بالإنتخابات، وبضرورة إجرائها، بل بحتمية إجرائها.
وعليه فمن المستبعد أن يتجرّع أحد كأس مغامرة غير مضمونة الجانب، ليُعلن أنه مع التمديد. ولا حتى «نائب التمديد» نقولا فتوش الذي كان «حاضراً ناضراً» ليعدّ إقتراح مشروع (جاهزاً أصلاً) للتمديد. فهذا لن يمشي هذه المرة، وإلاّ… فعلى العهد السلام…
أما ما ليس جاهزاً فاللوائح الإنتخابية! ذلك أنه يتعذر نجاح لوائح بكامل أعضائها… حتى في مناطق كثافة نفوذ الثنائي الشيعي. لذلك من هم المغامرون الذين سيوافقون على إدراج اسمائهم في أذيال لوائح يعرفون، سلفاً، أنهم خاسرون فيها بموجب قانون النسبية (سيان، ببطاقة إنتخابية ممغنطة أو من دونها). اللهم، إلاّ إذا كان البعض يهمه فقط أن يرد إسمه على لائحة من اللوائح. وكفى اللّه المؤمنين شرّ الفشل وخير النجاح!
وفي هذا السياق نفهم عدم التوافق الإنتخابي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في معظم مناطق تواجدهما معاً. إذ في مصلحة كل من الطرفين أن يكون مضموناً في لائحته على أن يكون تابعاً في لائحة تحالفية، خصوصاً وإن الإقتراع محكوم بقاعدة اللائحة فليس من خيار «التشطيب»… أما الخيار الوحيد المطروح فهو الصوت التفضيلي (وعلى مستوى القضاء وليس على مستوى الدائرة، ولمرشح واحد).
وأبعد من ذلك، إذ من المرجح في مكان والمؤكد في مكان آخر أن تقدم ترشحات في ثلاث لوائح ربما كان خياراً إيجابياً وناجحاً أيضاً خصوصاً إذا كان لكل من اللوائح الثلاث حيثية تمكّنها من حصد كم من الأصوات تشكل لها نسبة يمكن ترجمتها فوزاً يوازي نسبة الأصوات ذاتها.
واللافت أن معلومات متوافرة بدأت تقلق بعض رؤساء اللوائح التقليديين في بلدات كبيرة «اعتادت» أن تستأثر بالمقاعد النيابية من دون سائر بلدات وقرى القضاء… على سبيل المثال زغرتا وبشري في الشمال. إذ إن الأهالي في بلدات القضاءين يتجهون الى رفع الصوت مطالبين بـ»الحق السليب». علماً أن الدكتور سمير جعجع والوزير سليمان فرنجية والمرشح الشاب ميشال معوض سبق لكل منهم أن وعد وتعهد بضم مرشح من قضائه (الزاوية والجبة). وسيكون لنا عودة مطوّلة الى هذا الموضوع المهم والحسّاس.