في هذه الاوقات العصيبة، اجد انه الوقت المناسب لكي نقلب صفحة سياسات الماضي وهي تصب فيما ورد في القرآن الكريم، في سورة »آل عمران« الآية ٦٣ »تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم«.
بالحوار، بـ»كلمة السواء«، بـ»قلب صفحة سياسات الماضي« يبنى الوطن، وتستقيم أمور مؤسساته الدستورية، والتي بعضها مشلول الآن، وبعضها صوري، وبعضها الآخر مغيّب »الحكومة العتيدة«.
بالحوار العقلاني، لا بالقصف الكلامي، ولا بالقذف الكلامي يبنى لبنان، وليس بالتجنّي على اللبنانيين المسلمين السنّة، وتصويرهم بـ»الغول« وهو احدى المستحيلات الثلاث »الغول، والعنقاء والخل الوفي« التي يضرب بها المثل.
إنهم منذ إعلان دولة لبنان الكبير في ٣١-٨-١٩٢٠ تصب عليهم، الاتهامات، ففي عام ١٩٢٠ وحتى الاربعينات ١٩٤٣ اتهموا بأنهم عملاء للعروبة ولسوريا، ويغلبون المصلحة العربية على المصلحة اللبنانية، وكان ذلك »الوهم« تغذية آنذاك »لعبة الامم« التي لم تتغيّر استراتيجيتها مع تغير وجوهها.
ثم إتهموا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي بـ»العرفاتيين« مع أنهم ذاقوا الامرّين – خصوصاً في بيروت- من السلاح الميليشياوي- الذي كان منتشراً في كل زواريب بيروت.
وإتهموا بإبتلاع الدولة بعد إعلان »الطائف«، والإعلان الدستوري الصادر في ٢١-٩-١٩٩٠، وغيرها من الإتهامات الباطلة التي تصب في تصوير الطائفة السنّية – قبل وبعد الطائف – بأنها الطائفة التي هي سبب مشاكل لبنان، وخصوصاً حالياً.
كثيرة هي الإتهامات بحق هذه الطائفة، مع أنها لم تفكر -حتى اليوم- بفكر الطوائف، او انها اقلية يجب ان تحمي ذاتها بطرقها الذاتية – بل كانت ولا تزال تعمل من اجل الوطن، من صيغة العيش المشترك الحقيقية لا الظاهرية.
إنها منذ الميثاق الوطني، مروراً بالثوابت الإسلامية التي انطلقت من دار الفتوى في ٢٠ ايلول ١٩٨٣ (والتي انطلقت من قمة ضمت الشيخين الكبيرين الراحلين حسن خالد، ومحمد مهدي شمس الدين، وسماحة الشيخ حليم تقي الدين، والرؤساء صائب سلام وسليم الحص والنائب حسين الحسيني والوزير السابق سامي يونس).
والتي اكد فيها المجتمعون على ان لبنان »وطن نهائي لجميع ابنائه الى اتفاق الطائف ١٩٨٩ والإعلان الدستوري الصادر في ٢١-٩-١٩٩٠، لا يزال اللبنانيون المسلمون السنّة يعملون في رحاب الوحدة الوطنية، وفيها الوحدة الإسلامية التي هي شغلهم الشاغل من خلال سنّيتهم بمفهومها العام، والتي تعني الإسلام الرحب الذي يدخل فيه الشيعي والدرزي كشرطين وطنيين اعتنى السنّة بهما عناية فائقة… الى جانب عنايتهم ان يكونوا مسيحيين بكونهم وطنيين مسلمين.
هكذا يتكلم اللبنانيون المسلمون السنّة بمفهومهم »نحن« وليس بمفهوم »الأنا« الذاتية بعدما طرحوا كل اهواء الايديولوجيات جانباً.
لذلك تصوّب اليهم السهام الآن لإحباطهم نفسياً، (وهي جزء مما يُسمى بـ»حروب الجيل الرابع«)، لأنهم يريدون »لبنان وطناً نهائياً لجميع ابنائه اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى.
وبعد، انه الوقت المناسب ونحن أمام تحديات »أن يكون لبنان أو لا يكون« ان نقلب صفحة سياسات الماضي بـ»كلمة سواء« بيننا جميعاً من اجل ان يبقى لبنان »وطنياً نهائياً لجميع ابنائه« من دون اي اهواء إيديولوجية..
متعددين في الدين، متحدين في المواطنة، في »دولة القانون والمواطنة«، والتي »القرار السياسي النهائي« هو لـ»السلطة اللبنانية« وحدها فقط، لا يُشاركها فيها أي طرف آخر سواء أكان: داخلي أم خارجي..