Site icon IMLebanon

حسَمها «الجنرال»… مرشّحو كسروان الخمسة «تغيير وإصلاح»

باتت اللعبةُ الإنتخابية مفتوحةً على كلّ الإحتمالات بعد إقرار قانون النسبية، حيث إنصرف كلّ فريق الى إجراءِ حساباته الخاصة ومعرفةِ حجم ربحه وخسارته.

تُعتبر كسروان من أهم المناطق التي تُحدّد البوصلة الإنتخابية في كلّ لبنان، وهي أيضاً تُحدّد بورصة الزعامات المارونية صعوداً وهبوطاً. ففي هذه المنطقة، إستدارت سيدة حريصا في انتخابات 1968 معلنةً فوزَ «الحلف الثلاثي» وبدايةَ أفول مرحلة الشهابية.

ومن هذه المنطقة أيضاً صعدت موجاتُ التسونامي مكرِّسةً زعامة العماد ميشال عون في إنتخابات عام 2005 وفاتحةً البلد على زعامة مارونية متجدّدة بدّلت موازينَ القوى.

ويؤكّد الكسروانيون أنّ كلّ «العجائب» واردة، «فأرضُنا التي تحتضن سيدة حريصا والبطريركية المارونية والسفارة البابويّة مهيئةٌ أكثر من غيرها للأعاجيب الإنتخابية، لأنّ الزعماء الموارنة عموماً وسياسيّي كسروان خصوصاً يوظفون «السيدة» و»الطبيعة» في معاركهم الإنتخابية «والناس بتصدّق».

هدير المعارك

على رغم أنّ المجلس النيابي مدَّد لنفسه 11 شهراً، إلّا أنّ ضجيجَ المعارك الإنتخابية بدأ يغطي على هدير خليج جونية، وبين «الغْرِيب» والغرائب السياسيّة، إجتماعاتٌ تُعقد، حساباتٌ تُجرى، إتصالاتٌ من تحت الطاولة، محاولةُ تركيب لوائح منذ الآن على رغم أنّ زعماء الكتل لا يدرون بعد ماذا سيفعلون.

وإذا كان الجميع أعلن سابقاً أنه لن يعود الى قانون «الستين»، إلّا أنّ كسروان عادت بتقسيماتها الى قانون «غازي كنعان»، أي أنها شكّلت مع جبيل دائرةً واحدة، لكن مع فارقٍ جوهريّ كبير هو أنّ النظام النسبي سيكون الحاكمَ والمُتحكِّم، وباتت لكل صوتٍ أهميّة بينما في السابق كانت الأهمية لما يأتي من خارج الحدود.

تضم كسروان 5 مقاعد للموارنة، ويبلغ عدد الناخبين فيها 92 ألف ناخب مسيحي ونحو 2000 مسلم غالبيتهم الساحقة من الشيعة، فيما تضمّ جبيل 3 مقاعد، 2 موارنة والثالث شيعي، ويبلغ عدد الناخبين فيها 62 ألف ناخب مسيحي، و20 ألف ناخب مسلم غالبيتهم الساحقة أيضاً من الشيعة، وقدّ إضمحلّ تأثيرُ الصوت الشيعي بعد إقرار النسبية وبات في الكاد قادراً على إنتخابِ نائبه، بعدما كان يؤثر سابقاً في اختيار النائبَين المارونيَين في جبيل وفق «الستين».

الحسابات

كل القوى السياسية الكسروانية تنتظر الإنتهاءَ من الحسابات لتقرّر شكلَ اللوائح، ففي الإنتخابات الماضية حصلت لوائح «التيار الوطني الحرّ» بقيادة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» حينها العماد ميشال عون على معدّل 31 ألف صوت للائحة، فيما نالت لائحة «14 آذار» نحو 27 ألف صوت كمعدل وسطي تقريباً، ولو كان القانون النسبي قائماً لكان «التيار» فازَ بثلاثة مقاعد و»14 آذار» بمقعدَين. لكنّ الصورة السياسية انقلبت رأساً على عقب، فـ»التيار» و»القوات» تصالحا، وإصطفاف «8 و14 آذار» إنتهى، والأهم أنّ عون بات رئيساً للجمهورية.

يُعرف عن كسروان غناها السياسي، إذ، إضافة الى الأحزاب الرئيسة، هناك الشخصيات المستقلّة التي يطمح بعضها الى تشكيل لوائح والبعض الآخر للانضمام الى لوائح «القوات» أو «التغيير والإصلاح»، وأبرز تلك الشخصيات النائبان السابقان منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن، الوزيران السابقان زياد بارود وفارس بويز، رئيس «المؤسسة المارونية للإنتشار» نعمة إفرام وعدد كبير من المستقلّين الذين يملكون حيثيّات محلّية.

لكنّ الأنظار تتّجه أساساً الى حركة العميد شامل روكز وإختياره للائحته مع كثرة الكلام عن أنه سيخوض المعركة بمستقلّين لا ينتمون الى «التيار الوطني الحرّ» أو الى التكتل، أو أنه سيشكل قوةً سياسية منفصلة عنهما. وفي هذا السياق يؤكد روكز لـ«الجمهورية» «أنني سأخوض المعركة من موقعي الطبيعي، أي ضمن إطار تكتل «التغيير والإصلاح».

حسم الموقف

وفي المقابل يحسم روكز موقفه قائلاً: «أيّ شخص سيخوض المعركة معنا يجب أن ينضمّ الى التكتل، قد لا يكون حزبياً لكنه سيكون جزءاً من التكتل بعد فوزه». ويعلّل هذا الأمر بقوله «إننا نريد النسبيّة لأنها تؤسّس لبرامج سياسية، فالمواطن سيصوّت للائحة مكتملة أي لبرنامج، وبالتالي لن نقبل أن يخوض أيُّ مرشّح الإنتخابات على لائحتنا ويصبح نائباً منفرداً لأنّ المنفردين لا يستطيعون التأثير لوحدهم في اللعبة السياسية بينما المطلوب تكتلات كبيرة».

يقضي كلام روكز الذي سيقود لائحة كسروان على آمال المستقلّين الذين كانوا يراهنون على خوض الانتخابات الى جانبه والحفاظ على إستقلاليتهم، فهو يشدد أيضاً على أنّ الفريق الذي يخوض معه الانتخابات متجانس.

وفي ردّه على الكلام الذي يتناول علاقته برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، ينفي روكز كل الحديث عن وجود خلاف بينهما، «فهذا كلام فاضي، وجميعنا نشكل لائحة كسروان- جبيل».

يترك كلام روكز عن علاقته بباسيل أثراً إيجابياً في نفوس العونيين، وهو الذي إختار دائماً عدم الدخول في سجالات، خصوصاً أنّ النسبية لا تترك مجالاً لتضعضع الصفوف.

ويسخر من القائلين إنّ تشكيل «التيار» و«القوات» لائحتين منفصلتين في كسروان، سيريحه من التحالف مع «القوات»، موضحاً «أنّ «القوات» لا تتعبني وليست حِملاً على ظهري، فقد كرّرتُ مراراً أنّ صفحة الحرب قد طُويت، أما إذا رأينا أنّ التكتيك الانتخابي يضع كل فريق على لائحة فهذا أمر طبيعي، عندها يكون التنافسُ طبيعياً مع «القوات» مثل أيّ مكوّن آخر».

شكلت رئاسة الجمهورية والجيش تاريخياً عوامل أساسية في انتخابات كسروان، ويزداد الحديث عن دخول هذين العاملين بنحو أساسي على الخط إضافة الى قوة الكنيسة المارونية، وفي السياق، يسأل روكز: «مَن قال إنّ هذه المؤسسات ستتدخّل في الانتخابات؟ بالطبع كسروان مع الرئاسة والجيش، لكنّ هذا لا يعني أنهما ينزلان الى المعركة معنا، كل هذا الكلام غير صحيح».

لا يُحبّذ روكز الدخول في إختيار أسماء لائحته من الآن، «المهم أن يعرف المرشحون والمواطنون طبيعة القانون لأنه لا يمكن إلّا اختيار الأقوياء الذين يحصلون على الصوت التفضيلي، ولذلك كل الاحتمالات واردة».

«القوات» والمستقلون

من جهتها، تعتبر «القوات» التي من المتوقع أن ترشّح شوقي الدكاش، أنّ من «المبكر الحديث عن التحالفات الكسروانية لأنّ الصورة غير واضحة بعد والمسألة مفتوحة لجهة هل نتحالف مع «التيار» أم لا. فهناك نوعيّة جيدة من الشخصيات المستقلّة تدور في فلكنا، لكن رغم ذلك ليست لدينا إجابة واضحة، والمطلوب الآن خريطة لمعرفة التحالفات».

المستقلون بدورهم ينتظرون أكثر إقتراب موعد 6 أيار 2018، إذ يراهنون على الخرق، خصوصاً أنّ منهم مَن يملكون أصواتاً تفضيلية ستجعلهم حاجةً لأيّ لائحة قوية لكنهم يفضّلون عدم التسرّع من الآن لمعرفة إتجاهات المعركة، في حين أنّ موقف أحزاب الكتائب اللبنانية و«الوطنيين الأحرار» و«الكتلة الوطنية» لم يُحسَم بعد.

عدا عن حَسْم الجنرال روكز تموضع المرشحين في لائحته، سواءٌ أكانوا من المستقلّين أو من النواب الحاليين، فإنّ من المبكر الحديث عن تحالفات كسروانية، خصوصاً أنها ستكون عابرةً للحدود، ولن تقتصر على بلاد «ما بين النهرين»، بل ستتعدّاها الى بلاد جبيل، ولجبيل حساباتٌ أخرى.