IMLebanon

نجاحات غزة … وفشل لبنان الافتراضي

 

تطورات حرب الابادة في غزة شديدة الغموض والتعقيد وتجعلنا نعيش في حالة من الضياع وانعدام اليقين وخصوصا بعد تطورات الايام الماضية والشروع في عملية اجتياح مدينة رفح وتداعياتها الانسانية والسياسية بموازاة القهر والجوع في الضفة الغربية، وانهيار العملية التفاوضية التبادلية وتجديد الادعاء في محكمة العدل الدولية بالتزامن مع القمة العربية واعلان المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية عن طلب توقيف رئيس وزراء اسرائيل ووزير دفاعه بالاضافة الى بعض قادة حماس وذلك عشية سقوط طائرة رئيس الجمهورية الايرانية ومعه وزير الخارجية وشخصيات قيادية وذلك عشية الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل ثلاثة دول اوربية بشكل متزامن عبر رؤساء وزراء اسبانيا وايرلندا والنروج.

 

نجحت مجازر غزة في اظهار حجم التصدع داخل الادارة الاميركية والحزب الديموقراطي والتباين بين الادارات الأمنية والمخابراتية والخارجية التي تشهد العديد من الاستقالات الاعتراضية وانخراط الحزب الجمهوري في الانقسامات الاسرائيلية ودعوة نتنياهو الى القاء كلمة في الكونغرس، مما يجعلنا نسأل عن اية اميركا ستكون في الاشهر القادمة وليس من هو رئيس اميركا القادم، والاحزاب البريطانية دخلت في متاهة انتخابية مبكرة الشهر القادم، والدول الاوروبية والتيارات السياسية والاحزاب تعاني من التباين والتناقض في مواقفها بين ساعة واخرى.

 

المناورات العسكرية الصينية المفاجئة حول الجزر التايوانية تستدعي القلق الشديد، بما هي امتداد لتحولات الحرب الروسية الاوكرانية وحرب الابادة في غزة وجبهات المساندة من اليمن ولبنان والمجازر الاخوية في السودان و تموضع  بوارج حلفاء الناتو  في البحرين الابيض والاحمر، مما يعكس مدى تداعي النظام الدولي القائم على ازدواجية المعايير والتمادي في الاستعمار المقنع القديم الجديد والذي جعل الاجيال الغربية الصاعدة ان تبادر الى التظاهر والاعتصامات والتعبير عن خيبتها من اجل انقاذ جامعاتها العريقة وقيمها الديموقراطي .

 

تشهد إسرائيل موجات من المظاهرات المطالبة بصفقة الافراج عن الرهائن وهي تؤيد ضمنا عملية الابادة الجماعية، مما يؤكد نجاح غزة في اسقاط تلك الصورة الوهمية التي رسمها الاعلام الغربي عبر تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني المحاصر في مخيمات اللجوء او تحت الاحتلال والحصار، و التظاهرات في إسرائيل تعزز الانقسام السياسي مع تزايد التصدع في صورة إسرائيل الدولية والدعوة العالمية العارمة للاعتراف بالدولة الفلسطينية نتيجة المجازر التي ترتكب ويشاهدها العالم باسره عبر وسائل التواصل التكنولوجي في قرية الذكاء الصناعي الكونية.

 

نحن في لبنان الافتراضي يعيش بعضنا في غزة والبعض الاخر في اسواق الحميدية الدمشقية ونحن نحاول تبسيط الامور المعقدة وندعي فهمنا للتطورات والتحولات العميقة التي نتابعها على مدار الساعة، والحقيقة هي ان كل ما لدينا الان  هو تراكم ذلك الفشل السياسي والاقتصادي والامني والاجتماعي على مدى عشرين عاما منذ اغتيال قصة النجاح الوحيدة في ١٤ شباط ٢٠٠٥ وما نتج عنه من حالات تضخم في الاوهام الشخصية الافتراضية مما ساعد قوى الماضي في منع فكرة الشراكة الوطنية من العبور الى المستقبل، وعودة لبنان الى ثقافة الفشل الوطني وهي الان محل تفاخر وتنافس بين العصابات السياسية التي تتباهى بانجازات الشغور الرئاسي والحكومي والمصرفي والاخلاقي وتلك العصابات دخلت في عملية تفاوض مع الدول الخمس العربية والغربية لتحديد ما تريده من اثمان مالية وسياسية مقابل الافراج عن رهائن الاستحقاقات الوطنية المخطوفة  ، مما يجعلنا نتأمل بمرارة في نجاحات غزة في مواجهة الابادة الجماعية… وفشل لبنان الافتراضي.