IMLebanon

الرجل الشبح»

شابٌّ نحيل البنية أجرد اللحية بشعرٍ طويل استوقفني في أحد أزقة عين الحلوة. ناداني باسمي قبل أن يقترب ملقياً السلام، وسأل: هل يُعقل أن يكون هذا الوجه البريء وجه إرهابي؟ هل تصدق إن أخبروك أن صاحب هذا الوجه الطفولي قاتل؟ ضحك الشابان اللذان كانا برفقته، قبل أن يُعرِّف عن نفسه: بلال بدر.

كان هذا اللقاء الأول قبل سنتين تقريباً. شابٌّ خجول لم يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر. ذاع صيته في المخيم بعد تردد رواية تفيد بأنه قتل بنفسه أكثر من عشرة من عناصر الأمن الوطني وحركة فتح. بدأ التداول باسمه بعد أشهر من إقدام عناصر من «فتح» على قتل صديق طفولته ورفيق دربه عصام البقاعي في محله داخل المخيم. مذ ذاك قرر أن يثأر لمقتل صديقه. تأثّر بدر بتنظيم «فتح الإسلام». يقول عارفوه إنه نشأ يتيماً وكان متديناً منذ صغره. تتعدد الروايات التي يتداولها «الشباب المسلم» عن «بطولاته»، وعن شجاعة استثنائية شكّلت عنصر جذب لشبان متحمّسين لا يزيد عددهم على العشرين، كوّنوا ما بات يُعرف بـ «مجموعة بلال بدر».

تحول الشاب العشريني إلى مشروع استثماري. استفادت «حماس» منه في صراعها مع «فتح». وحتى تجمع «الشباب المسلم» رفع سابقاً الغطاء عنه بسبب «عدم التزامه قرارات تصبّ في مصلحة المخيم ولكونه يتصرف من رأسه».

«الرجل الشبح» الذي يندر العثور على صورة له خطب إحدى فتيات المخيم أخيراً وكان في صدد الزواج بعد ١٥ يوماً. الاشتباكات الحالية أحرقت منزله وحاصرت آلاف العائلات الفلسطينية والسورية. وُضع بدر بين خيارَين: تسليم نفسه أو اعتقاله أو قتله. لكنه «اجترح» خياراً ثالثاً: رفض الاستسلام متسلِّحاً برشاشه وحزامه الناسف. ومثله فعل العناصر الذين يدورون في فلك السلفية الجهادية داخل المخيم. على مدى أيام، جهِد عناصر حركة «فتح» لإنهاء «ظاهرة بلال بدر»… لكن من دون جدوى. لم يتقهقر بدر ولم تيأس «فتح» التي لا تزال تؤكد أن لا تراجع قبل استسلام المطلوب الأبرز.

مصادر أمنية أكدت لـ «الأخبار» أن «المعركة مستمرة حتى إنهاء حالة بلال بدر»، وأن «حركة فتح أصبحت في مرحلة اللاعودة» لأن أي خيار آخر «يعني هزيمة فتح في المخيم وانتصار بلال بدر وجماعته، وتكريسه أميراً سيستقطب عشرات الشباب جرّاء ثباته وصموده، رغم اتحاد الأعداء ضده». هذه المحصّلة يتفق عليها الجميع. وبناءً عليه، فإن الأمور، بحسب مصادر متابعة، ستنتهي بين أمرين: خروج القوى الإسلامية لإعلان أنّ بدر خرج من المخيم، رغم أن مصادر الجيش تؤكد أنها لن تسمح بذلك، أو أن تتخلى الفصائل الإسلامية عنه ليلاقي مصيره قتلاً.