هل تربط إيران مصير الانتخابات الرئاسية بموقف حكومة سلام من هِبة الأسلحة؟
يبدو ان ايران تحاول أن تربط مصير الرئاسة الاولى في لبنان بمصير الرئاسة في سوريا كي تضمن وصول من ترتاح الى انتخابه لأنها غير مطمئنة حتى الآن الى ذلك كونها لا تمتلك الاكثرية النيابية التي كانت تمتلكها سوريا عندما كانت تسمي من تريد رئيساً للبنان.
لذلك لجأت ايران الى احداث شغور رئاسي في لبنان قد تجعله يستمر الى ان تصبح قادرة على ايصال من تريد الى الرئاسة الاولى، اما في انتظار حصول تغيير في ميزان القوى لمصلحتها يجعلها قادرة على تسمية من تريد رئيساً، او ان تقايض على منصب الرئاسة الاولى في لبنان بموقع يهمها في المنطقة، او بجعل الموقف الدولي يلين في مفاوضات الملف النووي.
لقد اغتنم الرئيس تمام سلام فرصة حضوره اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة فالتقى الرئيس الايراني حسن روحاني وبحث معه في موضوع الانتخابات الرئاسية في لبنان بعدما شكره على جهد الجمهورية الاسلامية الايرانية في تسهيل تشكيل الحكومة بعد مرور اكثر من عشرة اشهر على ازمة تشكيلها. وكان الرئيس سلام ينتظر موقفاً ايرانيا ليسهل اجراء انتخابات رئاسية في لبنان واذا به يفاجأ بطلب موقف من هبة اسلحة ايرانية للجيش اللبناني، وكأن هذا الموقف ارادته ايران اختبار نيات لبنان الرسمي حيالها، والتي لم تكن ايجابية منذ ان عرضت هذه الهبة عليه قبل سنوات انسجاماً مع سياسة التسلح التي يعتمدها لبنان كرمى لدول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية.
والسؤال المطروح هو: هل يصبح اجراء انتخابات رئاسية في لبنان مرتبطاً بقبول او عدم قبول لبنان هبة اسلحة ايرانية وهي تثير خلافاً داخل الحكومة بين من يؤيد قبولها لأنها هبة وليست صفقة شراء سلاح من ايران يحظره قرار مجلس الأمن الدولي، ومن يعارض قبولها حتى وإن كانت هبة، لأن عرضها جاء في التوقيت الخطأ وكأنه مطلوب إحراج لبنان في الوقت الصعب، وفي وقت لا يحتاج لبنان الى أسلحة وقد تأمن شراء ما يحتاج إليه من فرنسا وسواها بمساعدة سعودية سخية. في حين أن المساعدة المطلوبة التي يحتاج إليها لبنان من ايران هي سياسية وتتعلق بتسهيل اجراء انتخابات رئاسية لأن عدم اجرائها يخل بالتوازن بين السلطات الثلاث، وهو توازن أرسى “الميثاق الوطني” ركائزه على أساس أن تكون رئاسة الجمهورية للموارنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة ورئاسة الحكومة للسنّة، ولا يجوز أن يبقى أي منصب من هذه المناصب شاغراً أو فارغاً ضماناً لحسن سير عجلة الدولة. فهل تنتظر ايران موقف الحكومة من هبة الاسلحة للجيش اللبناني لتتخذ موقفاً من الانتخابات الرئاسية، أم ان هذه الهبة الايرانية القديمة تم إحياؤها إحراجاً للبنان الرسمي ولتبرير استمرار الشغور الرئاسي الى أن تتبلور صورة التطورات في المنطقة ومعرفة دور ايران فيها وحصتها منها؟
الواقع ان القرار بالنسبة الى “حزب الله” في موضوع الانتخابات الرئاسية ليس له إنما هو لايران التي تريد أن يكون هذا الموضوع ورقة ضغط ومساومة في مفاوضاتها مع اميركا ودول الغرب وفي منطقة يتم فيها تقاسم النفوذ وسط فوضى عارمة لا أحد يعرف على أي شكل ستستقر ومتى، ولا يستطيع العماد ميشال عون سوى أن يجاري “حزب الله” في موقفه لأن ليس له مصلحة في أن يعيد النظر في تموضعه، وهو يأمل في أن يصير رئيساً للجمهورية إذا ما وافقت القوى السياسية الاساسية في البلاد ولاسيما “تيار المستقبل” على اعتباره رئيساً وفاقياً أو توافقياً، أو انتظار التطورات في المنطقة علّها تفرضه رئيساً في عملية توزيع الحصص بين الدول المعنية بأوضاع المنطقة، فإما يكون لبنان من حصة ايران كما كان من حصة سوريا، أو تكون سوريا من حصة ايران ويصير اتفاق على أن يكون لبنان من حصة الحياد لأن تركيبته الدقيقة والحساسة لا تسمح بأن يحكم بسياسة الغالب والمغلوب بل بسياسة الوفاق والتوافق.
وهكذا بات على لبنان انتظار كلمة ايران في موضوع رئاسة الجمهورية كما كان ينتظر كلمة سوريا، وان يتخذ موقفاً من المكرمة الايرانية كما اتخذ موقفاً من المكرمة السعودية كي يبنى على الشيء مقتضاه