IMLebanon

المبادرة الطيّبة و… الخيبة  

 

أن يبادر رئيس الجمهورية الى استقبال اعلاميين غداة إنتهاء السنة الأولى من العهد وعشية بدء السنة الثانية منه هي بادرة طيبة تستوجب التقدير. أمّا أن تكون معظم الأسئلة ما عايّنا واستمعنا اليه فهي الخيبة في حد ذاتها. وليؤذن لنا أن نقول إنّ الحلقة كانت مرتجلة، أو إنها بدت مرتجلة، مع أنّ هكذا مناسبات لا تُترك  للقضاء والقدر، ولا خصوصاً للأمزجة، ولا تحديداً للخلفيات. فهل ثمة من ينكر أنّ أكثرية الزملاء إنطلقوا في أسئلتهم من الخلفية السياسية (وربما غير السياسية أحيانا) لكل من القنوات التلفزيونية التي ينتمي كل منهم إليها.

ليت المشاركين قيض لهم أن يطلعوا على بعض اللقاءات التي يعقدها رؤساء في المناسبات… وليتهم بالذات قُيّض لهم أن يطلعوا على لقاءات الرؤساء الفرنسيين مع رؤساء تحرير (صحف وأقنية تلفزيونية) وتنقل مباشرة على الهواء… ولو فعلوا ذلك لكان معظمهم تمنعوا عن طرح الأسئلة التي طرحوها، أو لكانوا عدّلوا فيها.

أولاً – إن الرئيس العماد ميشال عون إتخذ مبادرة جيدة إزاء الإعلام، وإن كانت تهدف الى الإضاءة على السنة الأولى من عهده وما حفلت به من إنجازات. ومن أسف أنّ البعض لم يكن على مستوى المناسبة والمبادرة.

ثانياً – إنّ رئيس الجمهورية ليس في قفص الإتهام، وبعض المشاركين سعى الى وضعه في هذا القفص. إلاّ أن فخامته نجح في أن يسقط المحاولة ويفشّلها، فظهر هذا البعض أمام الرأي العام، وكأنه هو المتهم (…).

ثالثاً – بالرغم من الأسئلة الإستفزازية المغلّفة بسذاجة غير معهودة، بدت اجوبة رئيس الجمهورية متماسكة، وبدا واثقاً من ذاته، مالكاً كلماته المنتقاة بدقة خصوصاً بمسؤولية، متجاوزاً الإستفزاز أو تاركاً إياه يسقط بين ثنايا الجواب المحكم.

رابعاً – بدا الرئيس عون، من خلال أجوبته حاملاً هموم الوطن كله، بأطيافه كافة، حريصاً على الوحدة الوطنية باعتبارها السند الأول للبنان، بعيداً عن الوقوع في فخّ الإستدراج، وحريصاً أيضاً على مكوّنات النسيج الوطني كلها، واثقاً بالشعب اللبناني وبمستقبل لبنان، مؤثراً مصلحة اللبنانيين على ما سواها، كبير الأمل في المستقبل، متأكداً من أنّ الإزدهار آت.

خامساً – نأمل أن يكون الجميع قد استفادوا من هذه التجربة الجيدة (في المبدأ) أقله في إتجاهين:

أ – وجوب حسن التنسيق والتهيئة والإعداد. وهذا لا يحدّ إطلاقاً من الحرية الإعلامية، إنما يعززها ليعطيها وهجها وجماليتها، فلا تأتي رتيبة.

ب – حسن إدارة الحوار، وقد بدا كأنه من دون إدارة. وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها.

ج – ليست الرئاسة ملزمة بمديري قنوات التلفزيون جميعهم، ولا بحصرية الإعلام المرئي… وفي يقيننا لو كان الحضور «مطعّمين» بإعلاميين من الصحافتين المقروءة والمسموعة لارتفع مستوى الندوة من دون شك.