Site icon IMLebanon

حكومة “حصتك أكبر من حصتي”… تتعثّر

 

 

جلّ ما أراده رئيس الحكومة المكلف حسّان دياب من حكومة ما بعد 17 تشرين الأول هو أن تنجح في إحداث صدمة إيجابية في الشارع، تساعده على الانطلاق في مهمته المستحيلة بأقلّ الأضرار الممكنة، من دون أي يثير سخط المحتجين وغضبهم.

 

ولذا مثلاً، تمسّك، ولا يزال، بقاعدة تضييق الحزام الحكومي إلى أقصى حدّ من خلال تشكيل حكومة لا تضمّ سوى 18 وزيراً، رغم اعتراض “التيار الوطني الحر” على هذه التركيبة لكونها ستعرقل عمل الوزراء “المُزدَوجي” المهمّة، لاعتقاده أنّ وقع سياسة “التقشّف الوزاري” سيكون طيباً لدى المحتجين في زمن “الجوع والغلاء وشحّ الليرة”، ما قد يساعده على تحسين رصيده.

 

ولهذا أيضاً أصرّ على عنوان “التكنوقراط” ليكون ملازماً لطبيعة حكومته، حتى لو تذاكت القوى السياسية على الرأي العام، فتولت بالمواربة تقديم أسماء وترشيحات محسوبة عليها في السياسة لكنها لا تحمل بطاقات حزبية.

 

حاول دياب أن يكون هبوط حكومته على مدرج الرأي العام، هادئاً لا يثير اصطداماً قاسياً. وإذ بتفاصيل الأيام الأخيرة تطيح بكل جهوده. لا يمكن لراصدي حركة رئيس الحكومة المكلف، سواء كانوا من خصومه السياسيين أو من مفترشي الطرقات والشوارع، أن يكونوا راضين عما تسرّب من كواليس الطبخة الحكومية، التي بدت مشابهة لكل المشاهد التقليدية التي شهدتها حكومات ما بعد “الطائف”: محاصصة بمحاصصة.

 

وقبل أن ترى الحكومة النور، فقدت الكثير من وهجها، وهي تكاد تقترب من حافة استفزاز الرأي العام، بعدما تحوّلت مساحة التشاور إلى ساحة اقتتال بين أبناء الصفّ الواحد تحت عنوان “حصتك أكبر من حصتي”!

 

وبعدما انقضت الساعات الأخيرة على أمل الانتهاء من طبخة الحكومة على صيغة 18 وزيراً من الاختصاصيين، بفعل رفض رئيس الحكومة المكلف توسيعها، خصوصاً وأنّ تصويت “الحزب التقدمي الاشتراكي” في جلسة الثقة لمصلحة الحكومة لم يكن محسوماً، تبيّن أنّ أكثر من عقدة لا تزال عالقة في عنق الزجاجة وتحول دون ولادة الحكومة.

 

ما زاد من الالتباس هو التناقض بين الأجواء الايجابية التي نقلت عن لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، حيث اعتقد المتابعون أنّ التفاهم بينهما ساهم في تجاوز العقدة الأبرز، وهي الثلث المعطل، على اعتبار أنّ رئيس المجلس بدا ممانعاً لتجيير هذه الورقة لمصلحة باسيل، رغم إدراك أولياء أمر هذه الحكومة، أنها ذات صفة انتقالية وموقتة.

 

إلا أنّه حين حلّ دياب ضيفاً على عين التينة، تبيّن أنّ الفيتو “الحركي” لا يزال على حاله مع سعي الرئيس بري إلى اقناع رئيس الحكومة المكلف، بسحب وزير من الحصة العونية (حصة رئيس الجمهورية وحصة “تكتل لبنان القوي”)، لتكون من ستة وزراء مسيحيين فقط، بينهم الوزير الأرمني، حيث طرح بري ضمّ نقيبة المحامين السابقة أمل حداد إلى الحكومة، كنائبة لرئيس الحكومة كونها غير محسوبة على “التيار الوطني الحر”، وذلك بعد ضمّ حقيبة الدفاع إلى الاقتصاد.

 

بالتزامن كان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية يعبّر عن امتعاضه من حصره بحقيبة واحدة مقابل “الرحرحة” العونية في الحكومة، ما دفعه إلى رفع الصوت عالياً مطالباً بحقيبة إضافية. بدوره رئيس “الحزب الديموقراطي” طلال ارسلان انضم إلى صفوف المعترضين رفضاً لحقيبة البيئة.

 

أكثر من ذلك. بينما كان يُنتظر أن تكون ولادة الحكومة بين لحظة وأخرى، ظهرت العقد الحكومية من جديد كالفِطر في حقل التأليف، حيث يحاول الحريصون تذليل العقبات لتسهيل الولادة الحكومية، خصوصاً وأنّ “آباءها” السياسيين مقتنعون أنّها حكومة موقتة، لا يفترض بها أن تغرق في متاهات التفاصيل البسيطة والحقائب طالما أنّها ذات مهمة محددة. وقد تبين خلال الساعات الأخيرة أنّ عوائق عدّة تؤخر خروج الحكومة إلى الضوء:

 

– إصرار بري على ألاّ يتعدى عديد الحصة العونية الستة وزراء مسيحيين، مع العلم أنّ “التيار الوطني الحر” منزعج من هذا الشرط والتصنيف كونه يعتبر أنّ مكونات هذه الحصة غير محسوبين عليه بالكامل، منهم مثلاً ناصيف حتي المطروح لوزارة الخارجية أو حتى أيمن حداد المطروح لوزارة الاقتصاد.

 

– إعتراض بري على إسناد وزارة الداخلية لطلال اللادقي وقد تمّ تداول اسم بسام برغوت، ويتردد أنّ الاعتراض يتصل بالخشية من الاطاحة بالتركيبة الحريرية الموجودة في الصنائع والمديريات التابعة لها، الأمنية والادارية.

 

– إعتراض فرنجية وارسلان.

 

فهل يتمكن “حزب الله” من معالجة هذه الثغرات أم أن سيناريو ترئيس سعد الحريري سيغلب في النهاية؟