IMLebanon

هل تكون البلاد أمام سيناريو أشبه بالسيناريو الذي أطاح بحكومة عمر كرامي؟

ملامح معركة حامية الوطيس بين الحكومة ومعارضيها تلوح في الأفق السياسي

 

في الوقت الذي ينشغل فيه لبنان بمواجهة فيروس كورونا، حيث بلغته تنويهات وإشادات دولية تجاه الخطط والبرامج التي وضعها وجعلته ينجح إلى حدّ كبير في الحد من انتشار هذا الوباء لم تستطع دول متقدمة عمله، برزت إلى الواجهة معطيات سياسية داخلية وخارجية لا تبشّر بالخير، حيث بدأ يُحكى عن قدوم لبنان مع قابل الأيام على معركة سياسية يتوقع لها أن تكون حامية الوطيس بين الحكومة الحالية والقوى السياسية التي تتألف منها مكوّناتها من جهة، وبين نواة معارضة يجري الإعداد لها من جهة ثانية قوامها «بيت الوسط» و«المختارة»، ومعراب، وإن كانت الأهداف مختلفة وهو ما أكدت صحته اللقاءات المعلنة وغير المعلنة التي جرت في الساعات الماضية بين المقرات الثلاثة.

 

ووفق ما هو متوفر من معلومات فإن قوى المعارضة بدأت تُعد العدّة للمواجهة التي ستكون على خطين: الأول اجتماعي – معيشي في ضوء ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء الفاحش في الأسعار، حيث توحي الوقائع التي بدأت تظهر على أرض الواقع لا سيما في الشمال وعكار أن النزول إلى الشارع سيحصل حتماً، وأن هناك سيناريو قيد الاعداد شبيه بذاك السيناريو الذي أسقط حكومة الرئيس عمر كرامي في التسعينات، تعمل عليه قوى المعارضة وربما يكون أصبح جاهزاً، وأن تنفيذه مؤجل إلى حين القضاء نهائياً على وباء كورونا وانصراف الحكومة إلى مقاربة الملفات التي تنتظرها. أما الخط الثاني فهو المواجهة السياسية التي بدأت معالمها تظهر من خلال المواقف السياسية التي تعلن ان عبر تغريدات «تويترية» أو في التصاريح المباشرة عبر الإعلام.

 

تفاقم الوضعين المعيشي والنقدي يشرع الأبواب أمام تحرّكات شعبية في الشارع

 

ويبدو من خلال المؤشرات التي تظهر يومياً أن قوى المعارضة ستستند في معركتها على الشارع الذي يقف على عتبة التحرّك نتيجة الوضع الاجتماعي والمالي الذي بلغ ذروته من الانهيار في الأيام الماضية، وأصبح يصحّ فيه المثل القائل «ما تهزو واقف على شوار»، بالإضافة إلى الإشارات الخارجية التي ستستفيد منها المعارضة من خلال الفيتو الذي تضعه بعض الدول الأجنبية والعربية على الحكومة، حيث يقال أن واشنطن أبلغت حلفاءها في العالم عدم تقديم أية مساعدات للبنان ما لم تقترن هذه المساعدات بأفعال من قبل الحكومة تصب في خانة المطالب المتعلقة بالاصلاحات وما إلى ذلك، وهو ما يبدو إلى الآن أن الحكومة الحالية عاجزة عن تحقيقه أو أنها تشعر بأن الوقت لم يكن في صالحها لتحقيقه، فهي في الوقت الذي كانت تستعد فيه لوضع خططها وبرامجها لمواجهة الأزمة الاقتصادية والنقدية، وجدت نفسها في مواجهة عدو أخطر وأشرس يتمثل بفيروس كورونا فانشغلت في مواجهته بدلاً من خوض معركتها في معالجة الانهيار المالي والاقتصادي الذي لا تتحمل وحدها مسؤولية ما وصل إليه، وهو ما جعلها تتلكأ عن إنجاز الورقة الإصلاحية التي خصصت لها عشرات الاجتماعات على مستوى مجلس الوزراء، وعلى مستوى اللجان المنبثقة عنه لهذه الغاية.

 

هذا الحظ السيئ للحكومة كان بمثابة ورقة رابحة في يد المعارضة التي ستنطلق من خلالها في معركة المواجهة مع الحكومة في الأيام المقبلة، في ظل احتقان اجتماعي لم يألفه لبنان حتى في عز الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان، وكذلك في عز الاجتياحات الإسرائيلية للبنان التي غالباً ما كانت تدمر البنية التحتية في غالبية المناطق.

 

وفي هذا السياق، ترسم مصادر سياسية صورة غير مريحة للوضع اللبناني من مختلف جوانبه، وهي ترى أن لا معطيات متوافرة تشي بأن الساحة السياسية قادمة على الهدوء، لا بل إن ما هو حاصل أشبه بجمر تحت الرماد، حيث كل الدلائل تُشير الى أن لبنان قادم على حرب سياسية على قاب قوسين أو أدنى من الاندلاع نتيجة الانقسام الحاد في المواقف حيال غالبية الملفات المطروحة، وسط غياب أي أفق لحل يجنّب البلد مثل هذه المعركة.

 

وإذا كان البعض قد توقع اندلاع شرارة هذه الحرب من قصر الأونيسكو حيث انعقاد الجلسة العامة لمجلس النواب فإن هذا لم يحصل أقلّه في اليوم الأول على انطلاق هذه الجلسات، وذلك ليس بفعل التزام الأطراف السياسية بالهدوء، بل بفعل الاستشعار المبكر لدى الرئيس نبيه برّي بإمكانية حصول هذه المعركة حيث نجح في نزع فتيلها من خلال القفز على فقرة الكلام في الأوراق الواردة التي عادة ما تكون مع بداية كل جلسة تشريعية، وهو بذلك جنّب المجلس والبلد المزيد من التشنج والاحتقان، لكن هل تبقى هذه هي ذاتها مع جلسة اليوم، لا أحد يستطيع التكهن طالما أن هناك في جدول الأعمال بعض البنود التي يغيب حولها التوافق السياسي.