Site icon IMLebanon

الخروج إلى الجنّة

 

تقول الأطراف السياسية كلها في لبنان إنها تريد إنقاذ البلد وإنها تعمل على تحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد وقيام الدولة.

 

أكثر الفرقاء مغالاة في طرح وتكرار هذه المقولة هم الذين يشاركون في الحكم والحكومات، وفي الممارسة هم غلاة العرقلة. يستخدمون العناوين الوطنية والطائفية والسياسية بهدف مواصلة غش الرأي العام اللبناني وهو أمر أصبح صعباً لا بل مستحيلاً، ولكن الأطراف السياسية تواصل عملية الغش تجاه أنصارها وللاسف تنجح بتحقيق أهدافها حتى الآن.

 

تشكيل الحكومة في لبنان ليس ترفا بل أصبح مسألة ضرورية وملحة ووجودية، لأن الكيان مهدد من كل النواحي وعلى كل الصعد، ولم يعد المواطن اللبناني الذي ما زال يملك المنطق والرؤية يهتم بما إذا كان هذا الحزب أو ذاك التيار سيمثّل في الحكومة، بل هو يريد حكومة على مستوى التحديات تواجه الواقع اللبناني بقرارات شجاعة تنبع من مصلحة اللبنانيين فقط كي تكسب ثقتهم وثقة المجتمعين العربي والدولي.

 

ليس صحيحا أن حياة اللبنانيين مرتبطة بالصراع مع إسرائيل، ولا هي مرتبطة بهذه الإدارة الأميركية أو تلك ولا هي نتاج الصراعات الإقليمية في المنطقة، ومن يربط حياة اللبنانيين بكل هذه الاستحقاقات هو كمن يشد خناق المشنقة حول عنقهم ويقضي على ما تبقى منهم ومن وطنهم، معتقداً انه يرمي لهم بحبل النجاة وهو تصور ناجم عن فقدان البصر والبصيرة والمنطق والهروب إلى الأمام خوفاً من مواجهة الحقيقة التي تقول بوضوح إن كل الوعود بتغيير مجرى التاريخ والواقع ما هي إلا كلام في الهواء يسلب عقول الأنصار وقلوبهم، ويحرص مطلقوه على تكراره كي لا يذهب مفعوله ويستفيق من هم في غيبوبة الوعود على الواقع المر والأليم.

 

إن الفعل الوحيد الصحيح من قبل أصحاب الحل والربط في لبنان هو تحرير اللبناني من سطوة المشاريع الكبرى التي لن ترى النور، ما يسمح عندها لمن تبقى من أصحاب العقول والإرادة بتولي زمام المسؤولية وبدء عملية استعادة الدولة لأنها الخلاص الوحيد من جهنم التي نحن فيها ولا جنة إلا بدولة فعلية لا صورية.