Site icon IMLebanon

حكومة دفن الموتى

 

 

بما أن أمر تشكيل الحكومة محصور بين اثنين لا ثالث لهما: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف فما حصل في الأشهر الماضية أن واحداً منهما كان يشدّ والثاني يرخي. ومتى أرخى المتشدّد الحبل قليلاً سحب من كان ليّنا الحبل صوبه بقوة، فاصطدم جبل بجبل. بسيطة صخور بصخور. وبعد كل “فقشة” يقوم الجبلان الدائخان قليلاً ويعودان إلى لعبة شدّ الحبال…والعصب.

 

إذا سلّمنا جدلاً، وبصفاء نية وطيبة قلب أقرب إلى السذاجة، أن وحدهما الحريري وعون مولجان بالتشكيل، فهذا يعني أن الأمور ما كان يجب أن تتدخل فيها لا فرنسا ولا أميركا ولا السعودية ولا مصر ولا إيران ولا “حزبُ الله” ولا اللواء ابراهيم، ولا قائد حركة المحرومين ولا المستشار الأول ولا الثاني، لا جبران النبي ولا أي صبي ولا وليد جنبلاط ولا أمير ناحية الشويفات ضمانة الجبل والسهل…

 

منطق الأمور يقول: بعدما أنهى الحريري تشكيلة حكومته، وقدمها للرئيس، كان لا بد من مناقشة الأسماء إسما إسماً، سنة وشيعة و”كواتلة” وروم وموارنة ودروز، وان يعمل الرئيسان بروحية الثنائي ويتفقا من دون كباش على سبيل المثال باستبدال اسم فاديا كيوان باسم ميشال ألفترياديس في حقيبة الثقافة، فالثاني يوحي بالجدية أكثر. أين المشكلة؟ أو استبدال لبنى عمر مسقاوي بـزياد بارود، لحقيبة العدل. ولا مانع في إعطاء حقيبة المال لمنال عبد الصمد نجد ان توافق الرئيسان عليها. وكارلوس غصن قد يكون نقطة تقاطع حتى ولو قاطعتنا الأمبراطورية اليابانية، وليس من مصلحتها أن تفعل.

 

كان يمكن في جلسة 9 كانون الأول أن يتوجه “بي الكل” إلى سعد، وهو من جيل بناته بالقول: ” يا ولدي (على طريقة فريد الفقير) نحن أمام امتحان أمام شعبنا العظيم، وعيب علينا ألا نتفق على أسماء كفوءة في خلال ساعتين من الإنكباب على كل اسم”. وكان بديهياً أن يرد الحريري على عون كما أيمن في مسلسل مرارة الحب، لا أن “يطققلو” مرارته.

 

وبما أن أمد التشكيل طال والرئيسان مأزومان صار عليهما استحداث حقائب جديدة لمواكبة الإنحلال: كوزارة معالجة الكوارث الإنسانية، ووزارة المصالحة، ووزارة التموين (الإعاشة ضمناً) ووزارة التعاون الإقليمي ( الشحادة) ووزارة لحم الأوصال… وسيكون أمام الرئيسين مشكلة في اختيار اسم للحكومة العتيدة. قد تصح تسميتها بـ”حكومة استعادة الثقة”، لكن التسمية استعملت، أول العهد، وهناك أيضاً أسماء حلوة ومعبرة سبق أن أطلقت على الحكومات مثل “الإرادة الجامعة” و”الإنماء والتطوير” و”كلنا للوطن…كلنا للعمل” و”المصلحة الوطنية”. أما “حكومة دفن الموتى” فهي الأفضل تعبيراً في وصف حالتنا، لأن من الأرجح لن نعيش كي نرى!