يترقّب اللبنانيّون بحذر إطلالة الرئيس المكلّف سعد الحريري الليلة وما الذي سيقوله مثلما تعاطوا بحذر مع كلّ أجواء التفاؤل التي تمّت إشاعتها بالأمس لأنّهم بغنىً عن المزيد من الخيبات المتلاحقة في ملفّ تعثّر تشكيل الحكومة، فلم يكد الرئيس الحريري يعلن عن تفاؤله من قصر بعبدا حتى بدّدت التسريبات المسائية الشائعة التفاؤليّة، وعمليّة التبديد هذه تولتّها «أوساط» ـ لم تكشف هويّتها ـ من التيّار الوطني الحرّ إذ أعادت الحديث إلى المربّع الأول بالحديث عن «الخطوط العريضة الواجب اتباعها للتشكيل لم تتبدل وأولها المعيار الواحد المنطلق من نتائج الانتخابات التي اجريت على اساس القانون النسبي»!
وبدعة «المعيار الواحد» هذه هي التي لا تزال تعطّل عمليّة تشكيل والمرادف الفعلي الذي يترجم هذا «المصطلح ـ البدعة» هو «توزيع الحصص بحسب تعليمات وزير الخارجية جبران باسيل، فخلال الأشهر الأربعة الماضية تبدّى باسيل في صورة المرجع الأول والأخير في تشكيل الحكومة العتيدة وتوزيع حصصها ووزاراتها وربما أسماء وزرائها!
التبديد الثاني للتفاؤل جاء بعد تسريب معلومات عن موافقة رئيس حزب القوات اللبنانيّة على حصول القوات على منصب «نائب رئيس للحكومة وزيراً للدولة و3 حقائب ستكون على الأرجح العدل، التربية والثقافة»، فبدّدت الـ «مصادر مطلعة» الأجواء التي أوحت بحلّ العقدة القواتيّة أو المسيحيّة ـ باعتبار العقدة الدرزيّة ـ إذ نقلت هذه المصادر «عن زوار رئيس الجمهورية أنّ الرئيس ليس بوارد التنازل عن نيابة رئاسة الحكومة وهو متمسك بها»، بعيد النشرات الإخباريّة مساء أمس شعر كثيرون بأنه ليس هناك «لا تفاؤل ولا من يحزنون»!
الأجواء والردود التي ستلي ما سيقوله الليلة رئيس الحكومة المكلّف لمضيفه الإعلامي مرسيل غانم هي التي ستحدّد أجواء البلد في الأيام المقبلة، وهي التي ستحسم الجدل ما إذا كان التعطيل سيستمر، وما إذا كانت أجواء التفاؤل جديّة وتترجم عمليّة أم أنّها مجرّد مشاعر شخصية لرئيس «متفائل بطبعه»، وبرأينا المتواضع حتى لو تمّ تجاوز «قطوع» الحصص الوزاريّة، فالمطب التالي الذي سيعرقل التشكيل هو «نوع الحقائب»، وبعده البيان الوزاري، الجنرال قاسم سليماني أعلن أنّها ستكون «حكومة مقاومة»، وبالأمس استخدم أمين عام حزب الله نفس الوصف في معرض تقييمه لجولة وزير الخارجيّة جبران باسيل ومجموعة السفراء لنفي تهمة تخزين حزب الله للصواريخ قرب المطار وفي أماكن آهلة بالسكان!
ثمّة سؤال يجب أن نضعه برسم حوار الليلة، أي حكومة يريد الرئيس سعد الحريري؟ والإجابة يجب أن تكون بعيدة عن ديبلوماسيّة لغة «حكومة وحدة وطنيّة»، هل سيجد اللبنانيّون أنفسهم أمام إعلان أنّها «حكومة مقاومة» أو أنّها «حكومة إنقاذ» للبنان وشعبه وإقتصاده من حال شبه الانهيار هذه؟ الكلام الذي قرأناه بالأمس عن لسان النائب إيلي الفرزلي «سنعيد تكليف الحريري» يؤكد ما سبق وذهبنا إليه بتشبيه وضع الحريري الإبن اليوم بوضع الحريري الأب عند فرض التمديد لإميل لحود، بأن هناك رغبة عند فريق الممانعة بأن يكون سعد الحريري رئيس الحكومة تجاه دول العالم والعقوبات التي ستشتد على حزب الله وحتى في ظلّ حرب إسرائيليّة قد تقع، ولكن هذا الفريق سيجهد ليمنع سعد الحريري من أن يحكم عبر مجلس الوزراء مجتمعاً، يريدون الصورة والاسم فقط ليكون ستاراً، وممنوعاً من العمل إلا بما يوافق مصالح هذا الفريق فقط!
الرئيس سعد الحريري الليلة أمام مواجهة لا يحسد عليها، لأن كلامه الليلة سيحسم اتجاه الرياح العاصفة المقبلة، أغلب الظنّ أنّ تشكيل الحكومة لا يزال بعيداً جداً بالرغم من كلّ التفاؤل!