Site icon IMLebanon

الحكومة والحوار ليسا بخير.. فمن يرمّم ما انكسر؟

يبدو أن الوضع الحكومي، كما الحوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، في الفترة المقبلة، هو غير ما كان عليه في الماضي القريب.

ولعل الكلام الأخير لوزير الداخلية نهاد المشنوق، يوم الجمعة الماضي، هو الذي شكّل نقطة الفصل بين ما مضى وما سيأتي. لا يعني هذا الكلام فرط عقدَي الحوار والحكومة، إذ إن مختلف القوى السياسية لا تزال متمسكة بحفظ الاستقرار الداخلي الذي تشكّل الحكومة والحوار مدماكيه الأساسيين.

وقد حصلت الحكومة على دعم سعودي كبير، ترجمه كلام سفير الرياض في لبنان علي عواض العسيري، أمس، بتأكيده «الحرص الدائم على استمرار عمل الحكومة والمؤسسات الدستورية في لبنان والحوار بين اللبنانيين». وهو رأى أنه «حان الوقت لبدء مرحلة جديدة تقوم على معالجة كل الأمور التي تهمّ المواطن اللبناني، كما لإطلاق حوار بين جميع القيادات السياسية من دون استثناء».

الحكومة والحوار «ليسا بخير، برغم استمرار الرغبة الدولية والعربية في تعزيزهما». لكن كيف ستتم إعادة وصل ما انكسر بين «المستقبل» و «حزب الله»، خصوصاً أن الحزب سارع للردّ على المشنوق، أولاً، عبر وزير الصناعة حسين الحاج حسن ليل الجمعة الماضي، وثانياً، عبر خطاب أمينه العام السيد حسن نصر الله، أمس.

والواقع أن تهديد المشنوق بالانسحاب من الحكومة، قابله تهديد مماثل من قبل الحزب الذي لا يفهم تهجّم شريكه في الحوار عليه، في الوقت الذي يُبدي فيه هذا الشريك كل تجاوب داخل الجدران المغلقة!

من جهته، يبدو الحزب زاهداً بالحكومة، التي لا يزال متمسكاً بها، لكنه، في ظل «ابتزاز» الفريق الآخر له، يسأل «كيف لنا المشاركة في الحكومة إذا كان الطرف الآخر لا يريدها؟». بالنسبة إلى الحوار، فالحال هو نفسه، ولسان حاله يقول: لسنا متمسّكين بالحوار (الثنائي مع المستقبل) في ظل رفض «المستقبل» له.

في خطابه أمس، وضع نصرالله الكرة في ملعب «المستقبل». إذا كان التيار يريد فرط الحكومة «فإننا لا نمانع، مع تمسّكنا بها»، لكن يبدو أن «المستقبل» يريد إعادة الكرة الى ملعب الحزب.

رصد «المستقبليون» بدقة خطاب نصرالله. هم يتّهمون السيد نصرالله بـ «ابتزاز اللبنانيين». ويشير أحدهم الى ان الحزب يستعمل العماد ميشال عون أداة في هذا الأمر، وفي ظل «الفيتو» الذي يضعه عون على اعمال الحكومة اليوم، مشترطاً تعيين قائد للجيش ومجلس عسكري أولاً، بات فريق «حزب الله» منقلباً عملياً على هذه الحكومة.

ويضيف: بعد أن مددنا اليد الى هذا الفريق مرات عدة، وطلبنا التقارب مع «حزب الله» في الحوار، جوبهنا بـ «حفلة تمنين» لنا بالقبول بنا شركاء في هذا الحوار، وكأن الحزب يقول لنا «أشكروا الله على عدم قتلنا لكم».

يضع هؤلاء «تصعيد» نصرالله في إطار الاستقواء بالتطورات السورية الأخيرة. هم يعتبرون أن الحزب غير مكترث بالمصالح اللبنانية وأولويته اليوم القتال في سوريا، وهو يريد تعطيل الحكومة، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، كما تعطيل المجلس النيابي، فكيف ستعمل الحكومة في ظل وضع هو أسوأ من ذلك الذي سيقوم في البلاد في ظل حكومة تصريف أعمال؟ لذا، فإن هؤلاء لا يتمسّكون بـ «حكومة لا قدرة لدينا على اتخاذ القرارات فيها».

ولا يقتصر اعتراض «المستقبليين» على مضمون ما جاء في كلام نصرالله، إذ إنهم يصبّون جام غضبهم أيضاً على الكلام الذي خرج به الحاج حسن في رده على المشنوق، واضعين هذا الكلام في إطار «الشتائم» بحق المشنوق.

ويذكر بعض «المستقبليين» بالاعتراض الذي برز في صفوف التيار على أصل الحوار مع «حزب الله»، مشيرين إلى أن المشنوق كان يناشد هؤلاء بعدم استباق الأمور، وكان يؤيد هذا الحوار ويأمل تحقيق خروق فيه.

وكان من اللافت للنظر في الفترة الأخيرة تركيز «المستقبل» على ما يصفونه بـ «التجاوزات» الأمنية في منطقة البقاع، والتي يقولون إنها تأتي بسبب الاستقواء بـ «السلاح غير الشرعي». ورداً على تأكيد نصر الله على دعوة الأجهزة الأمنية للقيام بواجباتها، رافضاً التدخل على الأرض لاعتقال الناس وتوقيفهم، يستذكر «المستقبليون» ما يقولون إنها محاولات جرت في الماضي لتوقيف مطلوبين، حال الحزب دون أن تحصل. «الحزب مُحرَج، الخطة الأمنية حققت النجاح في مناطقنا، لكنها باءت بالفشل في مناطقه بفعل حماية المطلوبين للدولة اللبنانية».

ويشير هؤلاء «المستقبليون» إلى أن القيادات «المستقبلية» ستدخل في بحث عميق في المقبل من الأيام، لتقييم ما أسفر عنه الحوار مع «حزب الله»، وسيكون خيار الخروج من هذا الحوار مطروحاً على الطاولة.

على أن «المستقبليين» يُعيدون رمي الكرة في ملعب الحزب عبر دعوته الى القيام بخطوة للتقارب مع التيار، من شأنها ترميم ما انكسر مؤخراً.

على أن التوصيف الأفضل بالنسبة إلى «المستقبليين» حول الحكومة، استعمله وزير العدل أشرف ريفي بوصف حالها بـ «الموت السريري». ريفي لا يكترث لمعركة الترقيات التي «انتهت بتوجيه صفعة كبيرة» لعون و «حزب الله»، كما يقول، معتبراً أن «حزب الله» هو «كذبة كبيرة»!

في هذه الأثناء، يبدو أن موقف النائب مروان حمادة خلال إحياء ذكرى اغتيال الشهيد وسام الحسن قد استدعى رداً من وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور، الذي قال: «إننا لم نترك أحداً أو نتخلّف عن أحد في منتصف الطريق لأننا لم نتبع أحداً في يوم من الأيام إلا قناعاتنا». وهو انتقد «المزايدات التي لا تستهوينا ممن تخلّف هو عن فهم المخاطر على الوطن من الانقسامات القاتلة والمواقف التي لا تراعي هذه المخاطر».

وختم أبو فاعور كلامه بالتّرحم على «وسام الحسن الذي كان رمزاً وشهيداً استقلالياً، لكنه كان داعية تسوية بين اللبنانيين، وهنا الجريمة المضاعفة لمن قتلوه».