IMLebanon

الحكومة و”حزب الله” أمام مساءلة بعد جريمة بتدعي أين الخطة الأمنية للبقاع الشمالي؟

تضع جريمة بتدعي في البقاع الشمالي الحكومة و”حزب الله” معاً في موقع المساءلة بعد محاولة فرار وتمويه طويلة منها. لكأنها لحظة الحقيقة وكشف القناع عن الواقع في منطقة وعدت الحكومة من يوم تشكيلها بأن تشملها عدالة القانون، مثلها مثل بقية أنحاء لبنان وفضلت تجاهل الوعد لاحقاً. وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي لم يَرَ حرجاً في قراره التنسيق ما بين الأجهزة الأمنية وأحزاب، وبالأحرى حزب مسلح لضمان تطبيق القانون، كان أول المبادرين إلى الحديث عن مربع أمني في البقاع تجري فيه أعمال الخروج على القانون بفجور و”على عينك يا تاجر”. كان ذلك آخر آذار الماضي، سمّى المشنوق آنذاك بريتال والنبي شيت، وسمّى حي الشراونة وعرسال أيضاً ورفض أن يكون الأمن بالتراضي. أما التنسيق مع الأحزاب فطبيعته سياسية والغاية منه أن يؤدي إلى رفع الغطاء السياسي عن كل الناس في المناطق التي تتمتع الأحزاب (الحزب) بالسيطرة عليها ، وكذلك عمن يعتزمون اللجوء أو الهرب إليها، قال.

هل تحقق شيء من ذلك ؟ ليس في البقاع الشمالي. الخطة الأمنية لتلك البقعة الواسعة من لبنان لم تُطبق، خلافاً للشمال ولا سيما طرابلس التي رفعت التيارات والأحزاب والقوى السياسية فيها، “تيار المستقبل” خصوصاً، غطاءها عن أي مخالف للقانون أياً يكن انتماؤه وحضت الجيش والقوى الأمنية الشرعية على تثبيت الأمن والسلام، حتى لو كلف الأمر دماً وتضحيات جسيمة، وتغطية ممارسات غير مبررة في بعض الأمكنة والأحيان. لكن الشمال ليس البقاع الشمالي.

في تلك المنطقة الشاسعة التي تغطيها حقول الحشيشة بلا رادع (ولا حتى عمليات تلف رمزية أقله كما كان يحصل في السابق) ويشارك الخارجون على القانون القوى المسلحة في حمل السلاح على الحدود وباتجاه الأراضي السورية كأنهم حلفاء ورفاق سلاح في معركة واحدة… في تلك المنطقة تتعرض الحكومة مجدداً ومعها اللبنانيون لامتحان قد يكون الأخطر. فبعد جريمة بتدعي وتلويح أهالي منطقة دير الأحمر المفجوعين بتدابير ذاتية لمعاقبة الفاعلين وحماية أنفسهم، بإزاء تلكؤ المعنيين عن القيام بواجبهم في حماية المواطنين الملتزمين القانون، سيكون صعباً على المسؤولين من سياسيين وعسكريين وأمنيين الإختباء مجدداً خلف الأصابع.

سيكون على الحكومة في قابل الأيام إذا كانت جادة، كما تزعم في إنزال القصاص بالمجرمين والمرتكبين على أنواعهم، أن تقوم بالإتصالات السياسية اللازمة مع مرجعياتهم تطبيقا لنظرية الوزير المشنوق بشأن “التنسيق مع أي من الأحزاب لضمان تطبيق القانون ووقف الحمايات للمجرمين والمطلوبين”، ومن ثم تطبيق القانون، وفرض احترام النظام في البقاع الشمالي كما هو الحال في سائر مناطق لبنان. وها هو رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل التوجه إليه بالطلب حتى، يعلن رفع الغطاء عن المخلين ويبرئ حركة “أمل” منهم. ماذا عن الحزب؟

بصرف النظر عن اعتباراته وتبريراته وذرائعه، إذا أصر “حزب الله” على إبقاء البقاع الشمالي خارج حدود سيطرة الدولة اللبنانية، ومرتعاً للسلاح المتفلت من القانون ولعصابات المخدرات تجارة وترويجاً، وشلل الخطف لقاء فدية وسرقة السيارات والممتلكات وسائر الجرائم، فمن واجب الدولة أن تعلم مواطنيها “الأوادم” – بتعبير الرئيس صائب سلام، رحمه الله- في تلك المنطقة وجوارها أنها عاجزة عن حمايتهم في ذهابهم وأيابهم وحتى في بيوتهم وليحمِ كل منهم رأسه بنفسه في تلك الغابة. مصير نديمة فخري وعائلتها ماثل أمامهم، وعجز الدولة المخجل أيضاً.

هل تدرك الحكومة أن الكيل طفح من تراخيها، إن لم يكن التواطؤ المفضوح مع المسؤولين عن الفلتان المخيف في البقاع ؟ وأن الناس العاديين الذين يريدون سلطة الدولة ولطالما حلموا بها ما عادوا يصدقون أنها موجودة؟

الناس العاديون هناك يتساءلون ماذا لو لم يقف الزحليون وقفة رجل واحد ويقطعوا الطرق لإطلاق ابن ابرهيم صقر؟ ماذا لو قُتل مطران دير الأحمر سمعان عطاالله فيما مسلحون يطاردون سيارته؟ وكيف استطاع مسلحون إخراج المدعو نوح زعيتر المصاب من المستشفى بالقوة وهو قيد الإحتجاز؟ ومتى ينتهي مسلسل خطف الناس الأبرياء لابتزاز عائلاتهم وأهلهم والخطف المتبادل وآخر أمثلته ما جرى بين آل حمية وآل الحجيري؟ إلى متى تظل عصابات سرقة السيارات و”الكبتاغون” وسائر المخدرات تسرح وتمرح ولا من يقلق خاطرها، وإلى متى يظل القتلة في البقاع الشمالي أقوى من الدولة والقانون؟