IMLebanon

الحكومة ومجلس النواب أمام تحديات الاصلاح الشامل  

تتجه الانظار الى ما ستؤول اليه جلسة مجلس الوزراء اليوم الجمعة وعلى جدول الأعمال 63 بنداً والى ما ستؤول اليه جلسة مجلس النواب التشريعية الاثنين المقبل.. والتوقعات في ذلك ليست حاسمة ولا جازمة.. على الرغم من ان الرئيس نبيه بري أكد في «لقاء الاربعاء النيابي (أول من أمس) ان المجلس في اطار ورشته التشريعية حريص على الحسم في شأن الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب..

 

جلسة الاثنين لن تكون سهلة، وهي ستتناول كل الأمور المتصلة بالموازنة العامة لعام 2017 بعد مرور اثني عشر عاماً على غياب الموازنات.. كما أنها لن تكون صعبة او مستحيلة، بعد التوافق الذي حصل بين الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، ومعهم أفرقاء عديدون..

ليس من شك في ان مسألة الضرائب لتمويل السلسلة، ستثير الكثير من الجدل و»الأخذ والرد».. خصوصاً وأن هناك امكانيات عديدة يمكن توفيرها من خارج الضرائب على ما يرى ويؤكد خبراء عديدون.. إذ ليس من حل من خارج الضوابط القانونية والفعلية التي تؤمنها الموازنة مرفقة بالتزام الوزارات كافة ببنود الموازنة..

لم يعد سراً ان الهيئات الاقتصادية، في غالبيتها الساحقة، تنظر بارتياب وحذر شديدين ازاء ما يمكن ان تؤول اليه الجلسات التشريعية، وهي – اي الهيئات – تنأى بنفسها عن التباينات او الاختلاف في الآراء داخل الحكومة، كما داخل مجلس النواب.. خصوصاً وأن في نظر عديدين هناك أولويات أخرى تعادل أولوية السلسلة او تفوقها أهمية، من مثل التحديات الأمنية والخلايا الارهابية النائمة ومسألة النازحين، والتطورات الناشئة في المحيط الاقليمي، والمتمثلة بمحاولة «رسم حدود الدم في اطار المشروع التقسيمي والتفتيتي لدول المنطقة «نموذج العراق» وهو مشروع يخدم اسرائيل التي راهنت وتراهن عليه دائماً..» على ما قال الرئيس بري في «لقاء الاربعاء» أول من أمس..

التحديات الداخلية لا تقل خطورة عن التحديات الخارجية.. وقد لوح الاتحاد العمالي العام و»هيئة التنيسق النقابية» بالتصعيد والعودة الى الاعتصامات والنزول الى الشارع إذا تم المساس بالسلسلة.. عل خلفية «لا تحرجونا كي لا تخرجونا..».

في قناعة عديدين، بل في قناعة الغالبية  الساحقة «ان السلسلة حق»، ولكن الضرائب التي فرضت، فرضت بطريقة عشوائية ومن دون اجراء أي دراسات مسبقة للآثار الاقتصادية والمفاعيل المعيشية المترتبة عليها.. لكن السؤال ما العمل؟

يطرح البعض فكرة «اعادة النظر في الضرائب المطروحة والعمل على اصلاحها سريعاً.. لأن من شأن اعتمادها في الصيغة الحالية ان تضاعف حدة الانكماش والضغوط على الشركات والمؤسسات التي تنازع للبقاء.. ويؤدي الى التضخم المالي في نهاية المطاف». لكن في رأي آخرين، ان هذه المسألة قد تستهلك أشهراً، ما يعني توقيف السلسلة واعادة تحريك الشارع من جديد..

أكثر من مرة لفت الرئيس سعد الحريري الى ان لبنان يمر بمرحلة صعبة اقتصادياً تقتضي من الجميع التكاتف والعمل بحكمة على اقرار سلسلة ضريبية عادلة ومتوازنة، تكون مرتبطة بخطة اصلاحية شاملة.. وقد شاركه في هذه القراءة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يعتبر أحد أبرز حاملي لواء تحسين الجبايات ووقف التهرب الضريبي والهدر، وضبط الجمارك.. أي بمعنى «اللجوء الى مكافحة الفساد ووقف الهدر بدل الذهاب الى ضرائب جديدة لا يحتملها غالبية المواطنين اللبنانيين الذين باتوا تحت خط الفقر.. الأمر الذي دفع عديدين الى الاشادة بقرار المجلس الدستوري ابطال قانون تمويل السلسلة.. على رغم ما نتج عنه من بلبلة سياسية واعلامية.. وقد كان مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الشهرين أول من أمس، واضحاً في هذا، داعياً الدولة الى ضرورة الالتزام فعليا بنص الدستور وروحه، لافتاً الى «الحاجة الى دراسات معمقة في الدستور والقانون حتى يأتي التشريع دائماً لصالح الخير العام والمواطنين..» وهي مسألة حملها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي (مساء أول من أمس) متوجهاً الى القصر الجمهوري للقاء الرئيس العماد عون، داعياً الدولة الى «دفع فرق الزيادات المترتبة على الأجور والرواتب تجنباً لرفع الاقساط (في المدارس) وإرهاق الأهل فوق معاناتهم الاقتصادية..»

يرى عديدون ان المسألة لاتزال في بدايتها، وان التطلع الى مجرى التطورات في المحيط الاقليمي، وما يتسرب من معلومات عن تحضيرات اسرائيلية وتحذير السفارات من مخاطر أمنية، أوجب على لبنان اعادة فتح المعابر مع العديد من الدول من أجل تعزيز قدرات الجيش اللبناني، وهي مسألة مكلفة وفوق قدرة لبنان وكانت حاضرة في صلب محادثات الرئيس عون مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعدما كان الرئيس الحريري حضّر لها في زيارته السابقة زيارة رئيس الجمهورية.. وفي السياق وبعد عودته من الاردن، يستعد قائد الجيش العماد جوزف عون لزيارة الولايات المتحدة في النصف الثاني من تشرين الاول الجاري وهي الزيارة الثانية له منذ تسلمه قيادة المؤسسة العسكرية، وستشكل (في نظر متابعين) مناسبة للبحث في ما يمكن ان تقدمه للجيش من مساعدات وهبات عسكرية، بما يستجيب لحاجات المؤسسة العسكرية.

التحديات كبيرة ومتعددة.. والجميع يرقب ما ستكون عليه جلسة الحكومة غداً، وجلسة مجلس النواب الاثنين، وما اذا كان سيحصل أي تغيير يذكر يفضي الى اعادة خلط الاوراق من جديد، والخروج بصيغة «لا يموت فيها الذئب ولا يفنى الغنم..»؟!