لم يعد معظم اللبنانيين يثقون في الإشارات الايجابية التي يمكن ان تصدر عن اي من المسؤولين المعنيين بتشكيل الحكومة، بعدما تبيّن انّ «شيكات» التفاؤل السابقة كانت بلا رصيد وتفتقر الى الملاءة السياسية. ومع ذلك، يبدو انّ الحراك المتجدّد مع بداية السنة، على اكثر من خط، يحمل بصيص أمل، لكنه سيبقى خافتاً ورفيعاً، الى ان تولد الحكومة رسمياً وتتم مشاهدتها بالعين المجرّدة.
كان لافتاً انّ كلاً من «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل التقيا في اليوم الاول من السنة الجديدة على ضخ جرعات من التفاؤل الحكومي، علماً انّ العقدة السنّية عالقة بينهما بالدرجة الاولى، ما يعطي انطباعاً بأنّ حجراً ما قد حرّك المياه الراكدة وأعاد تنشيط دينامية التأليف، بعد الجمود الذي رتّبته صدمة انهيار مشروع التسوية حول اسم جواد عدرا في لحظة الحقيقة.
ويبدو انّ باسيل الذي تزوّد بـ«الوقود» خلال «إجازة اللقلوق» يراهن على ان تنجح الجولة الجديدة من «العصف الذهني» في ابتكار حل للعقدة الحكومية الآخذة تداعياتها في التفاقم مع مرور الوقت، الى درجة انّ وزير المال علي حسن خليل حذّر بعد لقائه الرئيس المكلّف سعد الحريري، من انّ وزارات قد لا تتوافر لها الاموال اذا استمر التأخير في تشكيل الحكومة شهراً إضافياً.
وغالب الظن، انّ الخلاف الحاد حول هوية الوزير السنّي «المفقود» وتموضعه في مجلس الوزراء، بات يلقي بوطأته الثقيلة والمزعجة على الرئيس ميشال عون و«التيار الوطني الحر» من جهة و«حزب الله» من جهة أخرى، بفعل الندوب التي تركها على جسم التحالف بينهما وصولاً الى مواقع التواصل الاجتماعي، وما سبّبه ذلك من حرج لهما، وبالتالي فإنّ الطرفين يستعجلان اكثر من غيرهما إنهاء هذا الخلاف لحصر عوارضه الجانبية ومنع تجدّدها، الى جانب انّ البلد ككل لم يعد يتحمّل أصلاً ابقاءه رهينة.. وزير.
وعلى رغم التشنّج الذي تحكّم بإيقاع بعض الناشطين المؤيّدين لـ«الحزب» و«التيار» أخيراً، عبر العالم الافتراضي، انعكاساً للتباين بين مقاربتي القيادتين حيال الملف الحكومي، إلاّ أنّ مصادر باسيل تؤكّد أنّه تمّ تطويق سوء التفاهم مع الشريك الشيعي في وثيقة التفاهم، عبر الاتصالات العلنية والمستترة التي تمّت، مشدّدة على انّ العلاقة هي الآن جيدة.
وهناك في اوساط الطباخين من يعتبر انّ طَبَق التسوية يكاد ينضج، بعدما وُضعت مكوناته في «البريستو» (طنجرة الضغط)، فيما تؤكّد مصادر باسيل انّه مصمّم على المضي في مسعاه المتجدّد حتى النهاية السعيدة، وانّه يبذل كل الجهد المطلوب في هذا الاتجاه. لافتة الى «انّ الطريق تبدو سالكة نسبياً، من دون ان يمنع ذلك وجود بعض الصعوبات التي يمكن تذليلها إذا تحمّل كل طرف مسؤولياته».
وتحت ضغط الوقت النازف والتحرّكات الاحتجاجية المتصاعدة ومشاريع مؤتمر «سيدر» المهدّدة وموعد القمّة الاقتصادية العربية الداهم، يستمر الأخذ والرد داخل الغرف المُغلقة في شأن اقتراحات جديدة لتسوية العقدة الحكومية على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»، بحيث تتوزع «أسهم» الوزير السنّي «المنقذ» بين رئيس الجمهورية و«اللقاء التشاوري».
وضمن هذا الاطار، أبلغت شخصية مطلعة على مسار المشاورات الى «الجمهورية»، مستخدمة لغة الرموز المشفّرة، انّ من بين الفرضيات التي يمكن اعتمادها لمداواة العقدة السنّية هي الاستعانة بـ«فيتامين الليمون الذي تشتهر بزراعته بساتين صيدا»، في إشارة الى انّ أحد المخارج ربما يتمثل في طرح اسم الدكتور عبد الرحمن البزري، الذي قد يشكّل تقاطعاً بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري والوزير باسيل و«حزب الله» و«اللقاء التشاوري».