«الفول في المكيول» مثل لبناني شائع درج الرئيس نبيه بري على التمثل به في الأسابيع الماضية إرتباطاً بالهبّات الساخنة والهبّات الباردة حول مسار تشكيل الحكومة.
وفي سياق مواز كان نائب رئيس مجلس الوزراء السابق الرئيس ميشال المر يردّد (في مواسم تشكيل الحكومات) إذا لم تقرأوا الإسم في المرسوم (بعد صدوره) فلا تجزموا بأن فلاناً صار وزيراً في الحكومة وآخر أُخرج منها. وكانت لأبي الياس تجربة مرّة يوم كان في السيّارة مع الرئيس الراحل المرحوم الياس الهراوي الذي أبلغ إليه أنّ الحكومة ستشكل غداً (في اليوم التالي). وأنت في عددها وزيراً للداخلية. فعلاً صدر المرسوم في اليوم التالي ولم يكن المر فيها، إنما كان الأستاذ بشارة مرهج وزير الداخلية الجديد. وتلك الحكومة تولّت «إخراج» مرسوم تجنيس مئات الألوف… و«نجا» دولته من «خطر» توقيع ذلك المرسوم الذي إن لم يكن قد أوجد خللاً ديموغرافياً خطراً في لبنان، فعلى الأقل عزّز الخَلَل الذي بات كبيراً لاتزال تداعياته تتوالى حتى اليوم (…)! وهذا ليس مدار هذا المقال.
واليوم يعيش اللبنانيون على جرعات أمل كثيرة توحي بأنّ التشكيل بات بين برهة وبرهة. ولكنّ اللبنانيين يحاذرون اللبن لأنّ الحليب كواهم. وهم يتمثلون بالقول المأثور: «ما بين غمضة عين وإنتباهتها يغير اللّه من حال الى حال»… وهم يضرعون الى اللّه سبحانه تعالى أن يكون التغيير من التعثر في التأليف الى الإسراع فيه.
وإذا كان يوم الإثنين الماضي قد حمل التباشير بأننا بتنا على خطوات قليلة من نهاية نفق التعثر فإن يومي أول من أمس، الثلاثاء وأمس الأربعاء قد «طفحا» بالمؤشرات الإيجابية التي عبّرت عنها اللقاءات المتسارعة والتصريحات الإيجابية، وحتى استئناف التواصل حيث يبدو أن حبل الود كان مقطوعاً.
وكعادته أجاد الرئيس نبيه بري توصيف الحال… فبعدما تحدث سابقاً عن «الفول في المكيول»، أكد أمس، من جنيڤ، أن المكيول موجود وأن الفول بات موجوداً. وهذا يعني أن الطبخة قيد الإعداد.
ونحن إذ نفرح لإنجاز الطبخة نخشى أن تصبح حالنا مثل حال الكنّات السبع، وطبخة الخورية. والقصة واقعية من تراث ضيعتنا وفيها أن الخوري (الكاهن) كان قد زوّج أبناءه السبعة وبات يقطن وإياهم في دار كبيرة واحدة على غرار ما كان معهوداً في القرن التاسع عشر. وكانت الخورية قد أعدّت الطبخة على نار «الوجاق» في الدار حيث كان الخوري مستلقياً في إستراحة. ولاحظ أن الكنّة الأولى (زوجة أحد أبنائه) دخلت الدار واتجهت الى حيث الطبخة فوق النار ورشّت عليها الملح. ثم بعد لحظات دخلت كنة ثانية وإتجهت مباشرة نحو «القدر» ورشّت الملح… ثم كنة ثالثة فرابعة حتى السابعة… وكان الخوري يضحك في سرّه ولم يفه بأي كلمة… الى أن جاء دور الخورية التي رشّت الملح، ولم تكن أي من الكنّات السبع قد أبلغت «سلفتها» بما فعلت، وكل منهن تظن أنها قامت بواجبها.
التفتت الخورية الى زوجها وقالت: صارت الطبخة جاهزة يا أبونا… تفضل بارك… ثم استدعت الجميع الى «الطبلية» ليباشروا الأكل. عندها قال الخوري: صار فيكن تكبّوها!
ونأمل ألاّ تؤدي كثرة «الطباخين» الى كبّ الطبخة الحكومية فنقع مجدّداً في المحظور!.