IMLebanon

الحكومة ستطالب كي مون بأراض «سُلخت عنه»

وسط جمود الوضع الداخلي بانتظار انقشاع غبار التطورات الاقليمية لا سيما المتصل منها بالازمة السورية وانعكاساتها المحتملة على لبنان، يشهد لبنان هذه الايام زحمة تحركات وزيارات دبلوماسية ، يحضر فيها الفراغ الرئاسي بندا اول على جدول اعمالها، وان اندرجت زيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، الذي قلبه على تسليح الجيش فيما عينه على نزع سلاح المقاومة، برفقة رئيس البنك الدولي، المصادفة يوم جلسة الانتخاب الـ37، تحت عنوان عريض يؤكد على استمرار المظلة الامنية الدولية الحامية.

زيارة سبقها وصول الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فيدريكا موغريني في سياق استطلاع الأجواء السياسية، لتحضر فيها تداعيات الأزمة السورية بجوانبها الأمنية والاقتصادية – الاجتماعية مع تزايد أعداد النازحين، وفي اطار مقاربة الاتحاد الجديدة لملف النازحين ، حيث «سيقايض» لبنان مسألة وقف تدفق النازحين من لبنان بشرط حصوله على المساعدات المطلوبة في مختلف المجالات.

أوساط وزارية اكدت، أن الحكومة أعدت ورقة مفصلة بمطالب لبنان ستعرضها على الأمين العام للمنظمة الدولية والمسؤولة الأوروبية، تشرح ما يعانيه لبنان على هذا الصعيد وضرورة الاستجابة لهذه الورقة، مشيرة الى ان المسؤولين اللبنانيين سيؤكدون لبان كي مون وموغيريني رفضهم التام لأي محاولة من جانب أطراف دولية لتوطين اللاجئين السوريين في لبنان، لأن هناك إجماعا لبنانيا على هذا الامر وستتم مواجهته بكل الوسائل وبالتالي على المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤولية كاملة على هذا الصعيد. كذلك سيطالب لبنان المجتمع الدولي بتنفيذ مقررات اجتماعات الدول المانحة والإيفاء بالتعهدات المالية التي قطعت للبنان، لكي يتمكن من التعامل مع احتياجات ما يقارب من مليوني لاجئ، فضلا عن تطرقها أيضاً الى البحث في دعم الجيش اللبناني بمواجهة الإرهاب على الحدود وفي الداخل، إضافة الى توفير المستلزمات الضرورية للقوى الأمنية لتقوم بدورها في حفظ الأمن.

واذا كان حيز واسع من المباحثات التي سيجريها «مون» مع المسؤولين اللبنانيين سيخصص للبحث في ملف النزوح السوري، فان التطورات المقبلة الى المنطقة من بوابة «الصفقة السورية»، ستكون حاضرة بقوة في لقاءاته بالمسؤولين، تضيف الاوساط، حيث سيتسلم من عدد من اطراف الرابع عشر مذكرات تدعو المجتمع الدولي الى ضرورة أخذ الواقع اللبناني في الاعتبار خلال رسم واقع سوريا الجديد بخاصة اذا تقرر تقسيمها الى اقاليم مذهبية ستزنر لبنان حاملة اخطار تتعارض وصيغته النموذجية في العيش المشترك وتعرض تعدديته للاهتزاز.

الى ذلك، سيسعى الفريق «السيادي» الى تضمين مذكراته اشارات الى ضرورة اعادة النظر في المعاهدات المبرمة بين دمشق وبيروت خلال فترة «الاحتلال»، لمخالفتها لابسط مبادئ «الندية» وعدم مراعاتها لمصالح الدولة اللبنانية، بحسب الاوساط التي كشفت ان بعض المذكرات سيطالب بحفظ حقوق لبنان في التسويات السياسية وحماية سيادته واسترجاع ما «سلخ» عنه من اراض خلال «الاحتلال» السوري.

وتنطلق المواقف اللبنانية، بحسب مصادر متابعة، مما لمسه المسؤولون في زياراتهم الخارجية، من ان عدم ادراج لبنان على سلّم أولويات الدول الكبرى التي تتوالى على تقاسم اهتماماتها ملفات سوريا والعراق واليمن ومحاربة الارهاب وغيرها. فالولايات المتحدة وروسيا تركّزان على فتح طريق التسوية أمام التسوية السورية التي ينسجانها ،فيما فرنسا، ومن خلفها اوروبا، تولي اهتماما كبيرا لثلاث قضايا، أولها سوريا، حيث انها تدعم الحل السياسي والمفاوضات وترى ان جزءا من مستقبل المنطقة يرسم اليوم فيها، في الوقت الذي تعيش فيه «القارة العجوز» صراعا وجوديا سيما لناحية موجات النزوح، أما ثاني الملفات، فاحياء مفاوضات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين وثالثها الوضع الليبي، ليحل لبنان رابعا في جدول اعمال باريس نظرا الى الروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين، وهي لا تنفك تثير قضيته مع القوى الاقليمية والدولية المؤثرة في أوضاعه.

واذ تشير الى أن ما يهمّ أقطاب المجتمع الدولي لبنانيا في المرحلة الحالية، الحفاظ على الاستقرار ومنع التوترات، الى حين نضوج التسويات الشاملة، والتشديد على ضرورة مواصلة تسليح ودعم الجيش اللبناني، ترجّح المصادر الا يكون الفرج في الاستحقاق الرئاسي قريبا، لان ايران تمسك بورقته ولن تصرفها الا في السوق الاقليمية متى دقت ساعة الحلول الكبرى، كاشفة أن مسؤولا فرنسيا يتولى معالجة الملف مع ايران والسعودية، كان طلب من واشنطن الضغط على طهران لتسهيل انجاز الاستحقاق، تبين له ان الادارة الاميركية غير راغبة في الدخول مع ايران في بازار سياسي حول ملفات المنطقة لا سيما ملف الاستحقاق لأن الجمهورية الاسلامية ستطالب بثمن مقابل التجاوب، وواشنطن غير مستعدة لدفعه اليوم وتتجنب اي ابتزاز ايراني.

في ظل الجو السياسي القاتم الذي يلف المنطقة، وفي لحظة مصيرية من تاريخها، يرسم فيها مستقبل دولها ويتقرر مصير أنظمتها ، لا يشير المشهد الداخلي استنادا الى الواقع الخارجي إلى امكانية تحول الدخان من أسود إلى أبيض،رغم كل الاتصالات والمشاورات، اذ تبقى الزيارات في باب الاطلاع ووضع التقارير دون ان تنجح في تحقيق اي خرق مهما كان بسيطا.