العُقَد واضحة وضوح الشمس، لكنَّ المعالجات ليست كذلك، وكلما تقدَّم الوقت كلما ازدادت الأمور تعقيداً، ما يتسبب في الشلل على كلِّ المستويات، خصوصاً أنَّ البلاد بدأت تدخل رويداً في مدار الأَعياد، مع ما يعني ذلك أنَّ كل الملفات يمكن أن تُرحَّل إلى السنة الجديدة.
أين تقف التشكيلة؟
في المصطلحات السياسية الرائجة ما يُعطي الجواب:
يُقال إنَّ بنشعي ممرٌ إلزامي للتأليف، هذا يعني أنَّ عين التينة وحارة حريك لا يسيران في أيّة تشكيلة لا يوافق عليها رئيس تيار المردة، ولكن وضع النفس في الزاوية من شأنه أن يجعل الطرف، أي طرف، أسير موقفه، وعندها يُصبح التراجع أصعب بكثير.
وفي الإستنتاج الثاني أنَّ تقطيع الوقت لم يعد أسلوباً يؤدي إلى أيّة نتيجة، خصوصاً أنَّ الملفات الموجِعة تضغط على الجميع ولا سيّما في استحقاقات آخر السنة وشهر الأعياد.
وفي الإستننتاج الثالث أنَّ كلَّ العروضات جرى التقدم بها، والتسهيلات جرى تقديمها، وبعد ذلك ليس هناك من قدرات فائقة الطبيعة لاستنباط معجزات سياسية.
لكن هل يُدرِك المعرقلون حجم الضرر الذي تقع فيه البلاد من جراء التأخير في تشكيل الحكومة؟
هل يُدرِكون أنَّ الصدمة الإيجابية التي تحققت من جراء الإنتخابات الرئاسية تكاد أن تتلاشى؟
هل يُدرِكون أنَّ الناس بدأوا يعودون إلى الإحباط الذي كانوا فيه؟
إنَّ المأزق لا يطال تشكيل الحكومة فقط، بل يأخذ في طريقه آمال الناس وتطلعاتهم وأمنياتهم في أن يكون لديهم عهدٌ جديد يستطيعون أثناءه، ومن خلاله، تعويض ما فاتهم في السنوات الفائتة.
لكن أكبر إحباط يمكن أن يصيبهم هو أن يبدأوا بالشعور أنَّ العهد الجديد لم يكتمل بتأليف الحكومة. والتكبيل الأكبر يكون في عدم السماح له بتشكيل الحكومة، وأمام هذا الواقع لا يمكنه أن يتحرَّك في أيِّ اتجاه، فلا مونة له على حكومة تصريف الأعمال، لا رئيساً ولا أعضاء، وأكثر من ذلك فإنَّ وزراء هذه الحكومة يتصرفون من دون أيّة رقابة، فلا رقابة لمجلس النواب عليهم لأنهم في مرحلة تصريف الأعمال، ولا قدرة لرئيس الحكومة على متابعة حدود تصريف الأعمال الذي يقومون به. أما مصطلح تصريف الأعمال في النطاق الضيق فيبدو أنه مصطلح مطاط حيث تفيد المعلومات الموثوقة أنَّ بعض الوزراء يتمادون في استخدام تصريف الأعمال إلى أبعد الحدود، وكأنَّهم في حكومة طبيعية غير مستقيلة، هذا الأداء من شأنه أن يُرتِّب على الحكومة الآتية أعباء إضافية، كما من شأنه أن يُحمِّل خزينة الدولة ديوناً هائلة، وعليه فإلى متى الإستمرار في هذا الوضع؟