الإستحقاق الرئاسي بإنتظار الحسم في الداخل السوري والإنتخابات الأميركية
الحكومة لا معلّقة ولا مطلّقة.. وجلسات مجلس الوزراء تنعقد بالإكراه
ضوابط إقليمية ودولية تحول دون انتقال عدوى الشجار السياسي إلى الشارع
هل تكون جلسة الخميس إنطلاقة جديدة في اتجاه تفعيل العمل الحكومي والانصراف في اتجاه معالجة الملفات الضرورية والطارئة، أم أن هذه الجلسة ستكون يتيمة وبالتالي نشهد إنعقاد لجلسات مجلس الوزراء بـ«القطّارة» وفي فترات متباعدة؟.
لا شك أن القوى السياسية بمختلف أطيافها واتجاهاتها باتت على قناعة راسخة بأن الاستحقاق الرئاسي لن يُنجز في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، وأنه بات بالرغم من إرادة الجميع من ضمن سلّة التسوية التي يُعمل على إنضاجها والتي في ما يبدو ما تزال على نار خفيفة جداً، ولذا فلا بدّ من إعادة ضخ الدم في شرايين الحكومة التي تكاد تُصاب بالترهّل وعدم ترك الوضع الداخلي بكل مندرجاته عُرضة للشلل والفراغ القاتل، وأن هناك مسؤولية كبرى على عاتق مكوّنات هذه الحكومة في ما خص تأمين الظروف التي تعطيها قوة دفع وتمكّنها من لعب دورها مجدداً على كافة المستويات.
هذه القناعة ساهمت أول من أمس في خلال جلستي الحوار الموسّع والثنائي من تبديد الأجواء المحتقنة والتي زاد منسوب احتقانها على خلفية الأزمة المستجدة بين إيران والمملكة العربية السعودية، وهو ما يعني أن هناك حرصاً متبادلاً من جميع الأقطاب السياسية بضرورة النأي بلبنان عن الرياح العاتية التي تضرب المنطقة والحؤول دون تمدّد ألسنة النار المندلعة إلى الداخل اللبناني الذي ينطبق عليه المثل القائل: «لا تهزّه واقف على شوار».
وفي اعتقاد أوساط سياسية بارزة أن الهزّة القوية التي ضربت المشهد الإقليمي على خط طهران – الرياض زادت الأمور تعقيداً على مستوى الاستحقاق الرئاسي وجعلت ولوج هذا الاستحقاق من المستحيلات في الوقت الراهن أو في مُـدّة قريبة، خصوصاً وأن ارتدادات هذه الهزّة سرعان ما وصلت إلى الساحة اللبنانية حيث تُرجم ذلك خطاباً حاداً بين «حزب الله» و«المستقبل» المتلاصقين إلى حدّ بعيد بمجريات ما يجري على مستوى العلاقة الإيرانية – السعودية.
وإذ تُعرب الأوساط عن ارتياحها لجلوس الفريقين مجدداً على طاولة الحوار إما الثنائي أو الموسع، فإنها في الوقت ذاته ترى ان الانشطار الموجود في العلاقة بين الجانبين من الصعب ردمه بسهولة، وانه مهما حاول سعاة الخير تقريب المسافة بينهما الا ان ذلك يبقى من دون جدوى طالما الجسور مقطوعة بين السعودية وإيران وهو ما يعني ان الساحة اللبنانية ستبقى عُرضة للتوترات السياسية طالما المشهد الإقليمي لم يطرأ عليه أي متغيرات من شأنها ان تُبدّد هذا الواقع.
وتضع الأوساط ما يقال عن استعداد «القوات اللبنانية» تسمية العماد ميشال عون كمرشح للرئاسة في خانة «المناورة» وانه في حال حصل هذا الأمر من الذي يضمن في حال نزل عون والنائب سليمان فرنجية كمرشحين إلى البرلمان ان يفوز العماد عون، وهذا الأمر يدركه الدكتور سمير جعجع الذي حتماً لن يقدم على أي خطوة غير مضمونة النتائج سلفاً، وبالتالي فإما كل ما يقال في هذا الشأن لا يعدو كونه بالونات إعلامية ونوع من «الزكزكات» وتوجيه بعض الرسائل.
وتعرب الأوساط عن اعتقادها بأنه إذا بقيت الأوضاع في المنطقة على ما هي عليه ربما لا نكون في غضون أشهر امام انتخاب رئيس للجمهورية، فالشأن اللبناني هو ليس الآن أولوية لدى صنَّاع القرار، كما انه غير موجود في الأسطر الأولى على الأجندة الإقليمية والدولية، وهي تسأل كيف يمكن للبنان انتخاب رئيس والداخل السوري لم يحسم بعد، وما دام الزلزال يضرب المنطقة؟ مرجحة ان يبقى الشغور الرئاسي إلى ما بعد الانتخابات الأميركية في كانون الثاني من العام المقبل.
ورأت انه كانت هناك مبادرة جدية وإمكانية لحلحلة الموضوع الرئاسي من خلال ما اصطلح على تسميته التسوية السياسية التي طرحها الرئيس سعد الحريري غير ان هذه الفرصة لم تستغل وتأجلت هذه المبادرة أو الطرح.
وتعتبر الأوساط ان الحكومة في ظل هذه المناخات ستبقى لا معلقة ولا مطلقة وعمرها مديد وأن جلساتها ستكون بالإكراه طالما التوافق السياسي حول الملفات المطروحة غير متوافر لا بل معدوماً.
وتعتقد الأوساط ان سلوك طريق تفعيل الحكومة في حال نجحت المساعي بانعقاد جلسة الخميس يبقى الخيار الصحيح، وأن هذا الأمر جاء نتيجة نصائح خارجية اسديت إلى المسؤولين اللبنانيين للتعايش مع الواقع والحفاظ قدر الإمكان على الاستقرار الداخلي، وعدم السقوط امام الرياح الساخنة التي هبّت مؤخراً نتيجة الكباش الذي استفحل بين العديد من دول المنطقة، وهذا لا يتم الا من خلال الابتعاد عن الخطاب السياسي الحاد والتجريح الشخصي الذي أكثر ما يؤذي ويزيد الطين بلة.
وتُسقط الأوساط من حساباتها أي إمكانية لانتقال عدوى الشجار السياسي إلى الشارع لأسباب متعددة من بينها ان ما من طرف سياسي يرغب في الاحتكام إلى الشارع أو مقدوره تحمل وزر أي هزة أمنية، وتالياً إن العوامل الإقليمية والدولية لا تشجّع على وصول الاشتباك السياسي إلى هذه الدرجة، فالاستقرار الأمني في هذه المرحلة هو حاجة ملحة تتطلبها التطورات التي تحصل في المنطقة، وعليه فإن الخوف من انفجار أمني ليس في محله وهو أمر مستبعد نهائياً مهما علا الصراخ السياسي، كون ان الوضع الأمني ما زال محاطاً بمظلة أمنية خارجية وهي صالحة لقابل الأيام.