Site icon IMLebanon

الحكومة أمام فرصة إحداث صدمة إنتاجية تستعيد بها الثقة

 

هشاشة الواقع السياسي تفرض الذهاب إلى مصالحات بالجُملة لا بالمفرّق

 

يفترض أن تعود الأسبوع المقبل العجلة السياسية إلى الدوران بعد التوقف القسري الذي فرضته حادثة الجبل أولاً ومن ثم عطلتي عيد الأضحى المبارك وعيد انتقال السيدة العذراء ثانياً، وهذه العودة تنتظرها بالتأكيد رزمة من الملفات القديمة الجديدة يأتي في مقدمها ملف النفايات التي عاد مجدداً إلى حلبة التجاذبات منذراً بدخول البلد مجدداً في أزمة نفايات في ظل التلويح بمنع استحداث طبقة ثانية من هذه النفايات في مطمري برج حمود والكوستا برافا من دون وجود أي معطيات تفيد بأن لدى الحكومة حلولاً جاهزة لهذه المشكلة الخطيرة، بل على العكس فإن ما يُطلق من تصريحات ومواقف يُظهر وجود تخبط رسمي فاضح في إيجاد الحل لهذه المشكلة المزمنة، ولغيرها من المشاكل العالقة. وإذا كانت الحكومة عاجزة بفعل الانشطار السياسي فما بالك بالملفات الأخرى الأكثر تعقيداً والتي تتطلب مقاربتها مناخات سياسية هادئة ما تزال مفقودة حتى الآن رغم الترقيعات التي تحصل بين حين وآخر.

 

وبغض النظر عن القدرة التي تملكها الحكومة في ظرفها الحالي في معالجة الملفات المفتوحة، فإن ما جرى في الجبل وأدى إلى تكبيل الحكومة على مدى شهر ونيف أظهر هشاشة الواقع السياسي الموجود وأبرز ثغرات على المعنيين معالجتها من خلال إعادة تفعيل العمل الحكومي والذهاب باتجاه إحداث صدمة إنتاجية تعيد لهذه الحكومة هيبتها وثقة الرأي العام بها، ولهذا أبواب كثيرة يأتي في مقدمها إخراج ملف التعيينات من دائرة التجاذب والمحاصصة والذهاب باتجاه رفد الإدارات العامة بدم جديد وبكفاءات مطلوبة في هذه الظروف، وهذا إن حصل يُشكّل بحد ذاته جرعة اوكسجين لهذه الحكومة من الممكن ان تستفيد منها للانتقال إلى معالجات أخرى، خصوصاً وأن هناك الكثير من الملفات الموضوعة على رف الانتظار بفعل الصراعات السياسية الموجودة.

 

وفي تقدير مصادر سياسية متابعة ان الحكومة ملزمة بالتقليع من جديد وبزخم كبير هذه المرة بعد الشظايا التي طالتها نتيجة احداث قبرشمون اضف إلى ذلك التلكؤ الذي حصل في معالجة بعض القضايا المالية والاقتصادية، إذ لا يوجد أي مبرر لاستمرار التباطؤ في معالجة القضايا المطروحة سيما وأن التحذيرات الدولية لم تتوقف والتي تحث على ضرورة الحفاظ على الاستقرار الداخلي والذهاب باتجاه تحضير المناخات المناسبة لوضع مساعدات مؤتمر «سيدر» موضع التنفيذ وهذا الأمر يتطلب العمل على إقرار الموازنة العامة للعام 2020 في موعدها، وأن لا يتكرر الشيء نفسه في الموازنة التي اقرها مجلس النواب للعام الحالي والتي لم تكن رغم الترحيب الدولي بها على مستوى ما كان مأمولاً منها في سبيل كبح جماح التردي الاقتصادي والتراجع المالي.

 

وترى المصادر ان كل هذه الأمور مجتمعة تتطلب العودة إلى طاولة حوار تتم فيها تكريس المصالحات بين كل الأفرقاء أي بمعنى اجراء مصالحة بالجملة لا بالمفرق، لأن بلوغ هذا الهدف يسهل على القوى السياسية الكثير من العناء، وبالتالي يعطي الحكومة قوة دفع كبيرة باتجاه المزيد من الانتاجية والتعويض عمّا فات، باعتبار ان زحمة التطورات في المنطقة تفرض على لبنان بأن يكون مرتاح البال داخلياً ليكون لديه القدرة على التعامل مع هذه التطورات التي لا تخلو من المخاطر.

 

وتسأل المصادر ما الذي يمنع ان يتكرر الاجتماع الخماسي في قصر بعبدا إنما على نطاق أوسع تشارك فيه كل القوى السياسية وخصوصاً الممثلة في الحكومة حيث ان الصراعات السياسية إن بقيت قائمة بين بعض القوى لا سيما «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» من شأنها أن تضع العصي في العجلة الحكومية وتمنع عنها التقدم في أي مجال وتبقي البلد في دائرة المراوحة في الوقت الذي أحوج ما يكون فيه للتقدم خطوات إلى الامام لملاقاة اليد التي تمتد له من الخارج وخصوصاً في المجالين المالي والاقتصادي.

 

وتأمل هذه المصادر ان يُبادر رئيس البلاد إلى اتخاذ هذه الخطوة الإنقاذية وهو يُدرك تماماً ان بقاء الوضع السياسي على ما هو عليه لا يصب في مصلحة العهد ولا في مصلحة البلد بشكل عام وأن إمساكه العصا من النصف وضبطه الايقاع السياسي يدفع في اتجاه تهدئة الأمور وعودة الثقة الدولية بلبنان، وهذا بدوره يعيد ثقة المستثمرين الذين باتوا يفكرون ألف مرّة قبل توظيف اموالهم في أي قطاع في لبنان.