من المؤكد أن الهدف من رسالة التفجير الإرهابية التي تسلّمها مصرف «بلوم بنك» في فردان، تتخطى ضرب المصرف بحد ذاته إلى القطاع المصرفي بكامله وإلى الواقع العام بكل تفاصيله السياسية والأمنية، وصولاً إلى قلب الطاولة وخلط الأوراق على الساحة اللبنانية من بوابة المصارف التي تمكّنت من الصمود رغم الأزمات المتعدّدة التي توالت على لبنان وحال الركود السياسي والإقتصادي منذ بدء الشغور الرئاسي. وبصرف النظر عن المستجدات التي تتكشّف تباعاً وتتعلّق بالتفاصيل الميدانية للهجوم الإرهابي الذي تعرّض لها «لبنان والمهجر»، فإن أوساطاً نيابية مواكبة للواقع المالي الداخلي، أكدت أن الإرهاب الذي يضرب أكثر من ساحة في المنطقة والعالم، ما زال عاجزاً عن خرق الإستقرار المالي في لبنان، معتبرة أن مناخ التضامن الذي ساد كل المواقف وردود الفعل التي سُجّلت في الساعات أل24 الماضية على عملية التفجير، قد شكّل الردّ المباشر من قبل الوسطين المصرفي والسياسي، كما كافة شرائح المجتمع المدني، على الجهات التي أرادت توجيه مثل هذه الرسالة القوية والمدروسة بدقة إلى كل اللبنانيين، وبشكل خاص إلى مجلس الوزراء وإلى القيّمين على القطاع المصرفي.
واعتبرت هذه الأوساط أن مروحة الإستهداف الإرهابي واسعة جداً، وهي لا توفّر أي طرف على الساحة الداخلية أكان في السياسة أو في الإقتصاد، لافتة إلى أن المزايدات على أنواعها في مقاربة ملف العقوبات المالية أولاً، والتفجير الإرهابي ثانياً، تصب في سياق زيادة حجم الضرر الذي اقتصر على الماديات من الناحية المبدئية باستثناء المواطنَين اللذين أصيبا بجروح في انفجار «بلوم بنك». وأكدت أن الأمر الواقع الذي استجدّ غداة هذه الرسالة المدوّية، يدفع نحو وقفة وطنية من كل القوى السياسية، وليس من القطاع المصرفي فقط، وذلك للوصول إلى إجماع داخلي يؤدي إلى صيغة اتفاق وتفاهم على الوقوف في وجه الهجمة التي يتعرّض لها القطاع المصرفي المتين كما لبنان. وأوضحت أن استهداف فريق لبناني سيرتدّ عاجلاً أم آجلاً على كل الأفرقاء من دون أي تمييز.
ومن ضمن هذا السياق، تحدّثت الأوساط نفسها عن حرب مفتوحة يتم شنّها من قبل الإدارة الأميركية على «حزب الله»، مشيرة إلى أن أكثر من وسيلة يمتلكها الحزب لمواجهة هذه الحرب وأبرزها التضامن الداخلي في وجه أي مخطّط مشبوه يستهدف الواقع الداخلي، وذلك بالإضافة إلى أكثر من إجراء مالي يتم الحديث عنه في أكثر من مجال مصرفي وغير مصرفي في الساعات الأخيرة. كذلك اعتبرت أن الدعوات المتتالية إلى عدم استباق التحقيقات الجارية وإلى التروي في إطلاق السيناريوهات حول تفجير فردان الأخير، تشكل المساحة المناسبة لمعالجة التحديات المحدقة بالوقع الداخلي ولا سيما المالي والإقتصادي، مؤكدة أن الحكومة هي المرجعية الوحيدة القادرة على التعامل مع هذه المستجدات بالطريقة المناسبة والرسمية، وذلك لعدم السماح لأي كان في التلاعب بهذا القطاع البالغ الأهمية والحساسية، كونه ركيزة اساسية من ركائز الإستقرار الإجتماعي الداخلي.