تقارب الحكومة اليوم التحدي الفعلي لمنهجية العمل الجديدة التي باشرت تطبيقها منذ معاودتها لاجتماعاتها بعد تعليق الجلسات بسبب الخلاف حول آلية العمل وطريقة تطبيقها من قبل بعض المكوّنات السياسية عبر وزرائها داخل حكومة «المصلحة الوطنية».
وتعتبر مصادر وزارية مطّلعة، أن مجلس الوزراء أمام جلسة مثقلة بالملفات والقضايا، ومن بينها مشاريع قوانين ترتدي طابعاً هاماً، كونها أثارت انقساماً بين الوزراء خلال الجلسات السابقة. وكشفت أن الوزراء أمام امتحان تسيير شؤون المواطنين والدولة عبر حسم الملفات ذات الأهمية القصوى، من دون أن تكون سياسية، وهي مرتبطة بالوضعين المالي والتربوي بشكل خاص. وأبدت المصادر الوزارية قلقها من تكرار الإنقسام داخل الحكومة فيما لو تمسّك أي من الوزراء بموقفه من البنود المدرجة على جدول الأعمال، خاصة المتعلقة منها بالتعيينات التربوية، وذلك نظراً للتجربة السابقة والتي شكّلت الدافع المباشر لاعتراض رئيس الحكومة تمام سلام على «العرقلة» المقصودة من قبل بعض الوزراء لمقرّرات وملفات هامة انطلاقاً من دوافع سياسية خاصة، وبهدف تسوية حسابات قديمة وليس أكثر.
وفي سياق متصل، وجدت المصادر أن أعباء كبرى وتحديات إقتصادية ومالية ملقاة اليوم على كاهل الحكومة التي تجد نفسها مكبّلة بالفراغ الرئاسي مع اقتراب مواعيد واستحقاقات عدة مثل لجنة الرقابة على المصارف، واقتراح التمديد لها في المرحلة الراهنة، وملفات أخرى مشابهة كقضية بقاء الضباط القادة المسؤولين عن الأجهزة الأمنية في مراكزهم أو التمديد لهم، وبعبارة أخرى نظراً لاستحالة إجراء تعيينات أمنية في الظروف الراهنة، وذلك من دون إغفال التمديد للمجلس الدستوري، والذي يبدو الأقلّ إثارة للخلاف القانوني، كون قانون إنشائه ينص على بقاء أعضائه في منصبهم حتى تعيين أعضاء جدد.
وبعيداً عن الخلاف حول آلية العمل الوزارية، والذي استقرّ أخيراً على اعتماد نص المادة 65 من الدستور لجهة التأكيد أن التوافق في مجلس الوزراء لا يعني الإجماع، فقد كشفت المصادر المطّلعة، أن الوزراء بأجمعهم قد أظهروا في الجلسة الأخيرة تصميماً على العمل والإنتاجية لتأمين سير المؤسّسات الرسمية بعيداً من الخلافات السابقة. وأضافت أن بعض البنود المدرجة على جدول الأعمال، ومنها ما هو مؤجّل منذ أسابيع، سبّبت انقساماً داخل مجلس الوزراء لدى طرحها في السابق، ولكن الظروف قد تغيّرت اليوم نظراً للأولوية لدى الجميع بالحفاظ على التضامن الوزاري أولاً، وبعدم الوصول بالحكومة إلى مرحلة تعليق العمل أو التعطيل ثانياً. كذلك اعتبرت هذه المصادر أن صفحة التوتّر قد طُويت، وأن توافقاً غير معلن بين المكوّنات السياسية للحكومة ورئيسها، يقضي بأن يعمل الرئيس سلام، كما الوزراء، على تأجيل كل الملفات الخلافية، على الأقلّ في المرحلة الراهنة، كون تجميد العمل الحكومي هو خط أحمر، ومن الضروري أن لا يعمد أي طرف سياسي إلى تجاوزه في اللحظة السياسية الداخلية البالغة الدقة. وأوضحت أن عملية خلط الأوراق السياسية الجارية على أرفع المستويات، تنذر بوصول الحوارات المتعدّدة الأطراف إلى الملف الأساسي، وهو الإستحقاق الرئاسي، حيث من المرتقب أن يتبلور المشهد الرئاسي خلال أسابيع معدودة، وذلك بحسب الإشارات المحلية والخارجية.