Site icon IMLebanon

الحكومة في مواجهة كارثة النفايات والتصلّب العوني

الحكومة في مواجهة كارثة النفايات والتصلّب العوني

غياب التوافق على الآلية يُبقي الأزمة قائمة وسلام على موقفه

تضاف أزمة النفايات التي تعاني منها مختلف المناطق اللبنانية، ولا سيما العاصمة بيروت، إلى سلسلة الأزمات التي تعصف بحكومة الرئيس تمام سلام منذ أشهر، ما جعلها غير قادرة على القيام بواجباتها في تسيير شؤون البلد والناس، وليس أدل على ذلك الفشل الذريع في إيجاد الوسائل التي كان يجب أن تحول دون تكدس النفايات في الشوارع، بعد إغلاق مطمر الناعمة، والعمل على استباق هذه الكارثة بإجراءات لطمر النفايات في مطامر موزعة على المناطق بالتنسيق مع البلديات المعنية، وليس العمل على تقاذف المسؤوليات، فيما المخاطر البيئية تتزايد مع تعثر وجود الحلول المطلوبة.

ولا غرابة والحال هذه من التردي والانهيار على كافة المستويات، أن يجد مجلس الوزراء نفسه في مأزق كبير في الجلسة التي يعقدها اليوم، مع انسداد مخارج الحلول للكثير من الملفات الملتهبة التي ترخي بثقلها على جدول أعماله، في ظل الخلافات على آلية عمل المجلس، حيث يصر النائب ميشال عون على تغيير هذه الآلية، وأن يكون للوزراء دور في وضع جدول الأعمال، خلافاً لنصوص الدستور التي تعطي رئيس الحكومة الحق الحصري في وضع جدول أعمال مجلس الوزراء وهو ما يصر عليه الرئيس سلام مدعوماً من غالبية الوزراء.

وتوقعت أوساط وزارية عبر «اللواء»، أن يستحوذ ملف النفايات على القسم الأكبر من المناقشات الوزارية في جلسة الحكومة، بعد أن امتلأت شوارع بيروت والعديد من المناطق اللبنانية بالنفايات وارتفاع منسوب الاحتجاجات لدى المواطنين والطلب من المسؤولين معالجة هذه الكارثة قبل تفشي الأمراض المعدية والقاتلة، في وقت بدا أن النائب عون لا يزال على مواقفه التصعيدية، من ملف آلية عمل مجلس الوزراء، بالرغم من إعلانه أنه لا ينوي إسقاط الحكومة، ما يؤشر إلى أن الرجل لن يتوانى عن القيام بكل ما يراه مناسباً للضغط على الحكومة والسعي إلى تعطيلها لدفعها إلى التجاوب مع مطالبه.

وأشارت الأوساط إلى أن الوضع الحكومي ليس مريحاً، ولا يشجع على التفاؤل بإمكانية تجاوز العراقيل التي تعترض عمل الحكومة، في ظل استمرار الخلافات الوزارية ورفض النائب عون، مدعوماً من «حزب الله»، تسهيل عمل الحكومة لمصالح شخصية وعائلية، أبعد ما تكون عن مصالح اللبنانيين، متذرعاً بتحصيل حقوق المسيحيين، فيما هو يعمل في المقابل على منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية من خلال تغيّب نوابه ونواب حليفه «حزب الله» عن جلسات انتخاب الرئيس العتيد، ما ينفي ادعاءات رئيس «التيار الوطني الحر» بالعمل على تحصيل حقوق طائفته، ويؤكد أن ما يمارسه الرجل لا علاقة له بكل ما يقوله. ولم تستبعد الأوساط الوزارية أن تشهد جلسة الحكومة عودة للسجالات والمشادات إذا ما أصر وزيرا عون على طرح موضوع آلية عمل الحكومة، لأن الرئيس سلام لن يسكت عن هذا الموضوع وسيكون له الرد المناسب، لأنه لا يقبل بأي مس بصلاحياته الدستورية، فهو المخوّل وحده وضع جدول أعمال مجلس الوزراء، التزاماً بما ينص عليه اتفاق الطائف، وبالتالي لا يمكنه التفريط بهذه الصلاحيات، وحتى لو اضطره ذلك إلى التوقف عن عقد جلسات للحكومة وحتى إلى أبعد من ذلك، إذا وجد أن الأمور لا تسير وفق إرادته أو أن هناك من يريد أن يخلق أزمة سياسية ودستورية لا قِبَل للبلد واللبنانيين على تحملها.

ومن هنا ضرورة أن تتعامل المكونات الحكومية بإيجابية مع دعوات الرئيس سلام إلى التهدئة والحوار وتفعيل دور مجلس الوزراء وعدم اللجوء إلى التعطيل، لأن ذلك لن يكون في مصلحة أحد، وسيزيد الأمور تعقيداً، خاصة وأن هناك تحديات كبيرة تفرض نفسها على الوضع الداخلي، أضيف إليها أخيراً ملف النفايات الذي يهدد البلد بكارثة بيئية إذا لم يتم تداركه وإيجاد الحلول السريعة له من خلال تعاون الجميع في هذا الموضوع.