IMLebanon

الحكومة في مواجهة نفسها

حين أعلن وزير التربية عن إقفال المدارس الرسمية والخاصة والمعاهد بسبب سوء الأحوال الجوية، وحين لحقه وزير الصحة بإعلان إقفال دور الحضانة للأسباب ذاتها، حبكت النكتة مع أحد السياسيين المخضرمين فتمنى لو أنَّ رئيس مجلس النواب نبيه بري حذا حذوهما فأعلن عن إقفال مجلس النواب ليوم أمس الأربعاء بسبب الأحوال الجوية أيضاً، وهو يومٌ كان مخصصاً لجلسة إنتخاب رئيس الجمهورية، بعد فشل إنعقاد ستة عشرة جلسة كان دُعي النواب إليها للغاية نفسها، على مدى 228 يوماً مضت على الشغور الرئاسي.

لكن السياسي المخضرم استدرك ليقول:

لا لزوم لمثل هذا القرار، فحتى لو أنَّ أبواب المجلس مفتوحةٌ فإنَّ النواب لن ينزلوا، لأنَّ طبخة إنتخابات الرئاسة لم تنضج بعد!!

***

هذا الإنطباع هو في محله، فملف إنتخابات رئاسة الجمهورية موجودٌ في أكثر من مقر وعلى أكثر من طاولة باستثناء مقر مجلس النواب وباستثناء قاعته…

هو موجودٌ في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وعلى طاولة الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله.

وهو سيكون موجوداً في المكان المشترك الذي سيلتقي فيه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، لكنَّ هذه اللقاءات سواء تلك التي بدأت أو تلك التي ستبدأ، لن تكون هي الدافع الأساسي والمحرك الفعلي لصندوقة الإقتراع في مجلس النواب. إنَّها العوامل الخارجية التي لم تنضج بعد تماماً، كما لم تنضج منذ أيار الفائت.

وفي انتظار نضجها فإنَّ السياسيين مهتمون بأمورٍ كثيرة فيما المطلوب… رئاسة.

***

الخطر الأكبر ليس في أنَّ الرئاسة تترنَّح، بل في أنَّ الحكومة تترنَّح أيضاً، فهي تقف على برميل نفايات ولا يُعرَف متى ينفجر فيها، والآتي قريب لأنَّ جلسة اليوم الخميس ستُحدِّد مسار التطورات في هذا الملف ولأنَّ جلسة الأسبوع المقبل ستتزامن مع المهلة الأخيرة لإقفال مطمر الناعمة، فالجلسة الآتية يُفترض أن تنعقد يوم الخميس في الخامس عشر من هذا الشهر، ومطمر الناعمة يُفتَرض أن يقفل بعد مرور ثمانٍ وأربعين ساعة على الجلسة، فكيف سيستطيع مجلس الوزراء أن يجد مطمراً في ساعات فيما عجزعن إيجاده في شهور؟

التباين ما زال قائماً في مجلس الوزراء بالنسبة إلى مناقصة النفايات، وممثلو حزب الكتائب في الحكومة ما زالوا يصرون على إجراء تعديلات على المشروع لتشذيبه من الشوائب والعيوب، وهذا المطلب ما زال بعيد المنال، ما يعني أن عملية التلزيم ما زالت بعيدة.

إنَّه المأزق، ولكن ألا يعرف المعنيون في لبنان ما هو دواء المأزق؟

إنه التمديد!

صحيح أنَّ النائب وليد جنبلاط على أهبّة الإستعداد للنزول إلى الأرض لمنع التمديد للمطمر، لكن هل هذا كافٍ؟

فحتى لو تمَّ إقرار المناقصة في مجلس الوزراء فإنَّ عملية تجهيز مطامر لن تكون جاهزة قبل سنة على الأقل، هذه الحقيقة يجب أن يُدركها الجميع، قبل أن تطمر النفايات الشوارع والقرى والبلدات والمدن.

***

في مطلق الأحوال، وفي انتظار إنقشاع الرؤية بعد عاصفة الطبيعة، فإنَّ اللبنانيين مدعوون إلى حثِّ الحكومة على المزيد من الواقعية والإنتاجية، فالفراغ أمامها والملفات وراءها، وإلى أين المفر؟