IMLebanon

الحكومة تُنقِّب في جيب المواطن فتحرمه فروقات أسعار النفط

الفرق بين الرقم في لبنان والرقم في العالم أنَّه في لبنان وجهة نظر فيما هو في العالم رقمٌ حقيقيٌ لا يخضع للمزاجية وللإستنساب.

ينطبق هذا الأمر أكثر ما ينطبق على الأسعار وعلى كلِّ ما يمسُّ جيب المواطن، وأكثر ما هو على تماس مع هذه الجيب هو أسعار المحروقات بما هي حاجة يومية لهذا المواطن سواء أكانت بنزين أم مازوت أم غاز، وسواء في منزله أو مؤسسته.

كيف هو الرقم في لبنان قبل أن يتحوّل إلى وجهة نظر؟

أسعار النفط في العالم تراجعت في الأسواق 50 في المئة منذ مطلع تموز الماضي وحتى اليوم، هذا التراجع جاء نتيجة المخاوف من طفرة المعروض وضعف الطلب، لكن هنا لا بدَّ من التوضيح للقارئ أنَّ كلِّ انخفاض في العالم يستلزم ثلاثة أسابيع لبدء تطبيق مفاعيله في لبنان، بمعنى أنَّه حين بدأ الإنخفاض في الأسعار في مطلع تموز فإن مفاعيل الإنخفاض في لبنان يُفترض أنّها بدأت بعد ثلاثة أسابيع أي إعتباراً من العشرين من تموز.

مثالٌ آخر:

إذا انخفض السعر العالمي اليوم فإنَّ مفاعيله في لبنان ستكون بعد ثلاثة أسابيع أي قرابة السابع من شباط المقبل.

***

تأسيساً على كلِّ ما تقدّم فإنَّ أسعار النفط عالمياً انخفضت منذ تموز الماضي 50 في المئة، ولكن هل انخفضت الأسعار في لبنان خمسين في المئة؟

الأرقام لا تُخطئ لأنها هذه المرة عالمية وإن قُرئت هذه المرة في لبنان، الأسعار لم تتراجع خمسين في المئة، برميل النفط كان قرابة المئة دولار، اليوم انخفض إلى 45 دولار، لم ينطبق هذا التراجع في لبنان، فإذا كان سعر صفيحة البنزين في تموز الماضي 34 ألف ليرة فإنَّه يُفتَرض أن يكون اليوم نصف هذا السعر أي 17 ألف ليرة، لكنه عملياً 23 ألف ليرة، هناك فرقٌ إذاً ستة آلاف ليرة فأين تذهب؟

ما ينطبق على البنزين ينطبق على المازوت، هناك فروقات بالقيمة ذاتها يدفعها المواطن من جيبه، فإلى أين تذهب؟

الجواب لا يحتاج إلى كثير تفتيش، فالإنخفاض فتح شهية الشركات وأصحاب محطات المحروقات للإفادة منها، فالشركات تحاول أن يكون الفارق لمصلحتها والمحطات تحاول رفع الجعالة. لكن أين الحكومة من كل ذلك؟

ثمة همس حكومي مفاده أنَّ الحكومة ستقوم بتجميد أسعار صفيحة البنزين عند 22 ألف ليرة، عندها، إذا استمر الإنخفاض عالمياً فإنَّ كلَّ الفارق يذهب أرباحاً للخزينة ويُصنّف على أنَّه ضريبة. كلُّ المؤشرات تدلُّ على أنَّ الإنخفاض عالمياً سيتواصل وعندها لن يدوم الإنفراج للمواطن بل لخزينة الدولة التي ستضاعف أرباحها على حساب جيب المواطن.

***

المازوت انخفض من تموز الماضي حتى اليوم قرابة العشرة آلاف ليرة فلماذا لم ينعكس هذا الإنخفاض على فاتورة المواطن؟

يبدو ان كلمة السر الحكومية قد أُعطيت وقُضي الأمر، وهي تقوم على المعادلة التالية:

تثبيت سعر صفيحة البنزين على 22 ألف ليرة، ويُصار إلى تقديم الفروقات إلى خزينة الدولة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو:

لماذا عند ارتفاع الأسعار لا يتم تثبيت السعر فيما عند الإنخفاض يتم تثبيته؟

***

كأن الدولة لم يعد لديها من مورِد سوى هذا المورد، فهل هذا منطقي؟

يُفتَرض بالدولة أن تُفتِّش عن موارد أخرى كي تريح جيوب المواطنين لأن هذه الجيوب أصبحت فارغة.

يُفتَرض ألا تمرَّ إلاّ لمصلحة المواطن، فهل ممنوع عليه أن يتنفس الصعداء؟

أم مطلوب دائماً أن يبقى في حال اختناق؟