Site icon IMLebanon

الحكومة أمام امتحان اثبات الجدارة وتعزيز النأي بالنفس

يضع الرئيس نبيه بري في أولوياته الضرورية هذه الأيام، مسألة «الانصراف الى معالجة قضايا الناس الحياتية والمعيشية»  وفي أولوياته التشريعية درس واقرار المشاريع واقتراحات القوانين، لاسيما «الحيوية منها الملحة، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب..» من غير تجاهل مسألة الموازنة العامة للدولة، حيث ينتظر انجازها في لجنة المال والموازنة، ليصار الى ادراجها على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشتها واقرارها..»؟! هذا مع الاشارة الى ان مسألة ترسيم الحدود البحرية باتت في أولويات عين التينة.

ومع عودة الرئيس سعد الحريري من زيارته السعودية ولقائه الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان وقيادات، فإن العمل الحكومي موقوف على اللقاءات المتوقعة بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كما بينه وبين الرئيس نبيه بري بهدف البحث في الاجراءات العملية لتنفيذ خريطة طريق «لقاء بعبدا» او «وثيقة بعبدا ٢٠١٧» الخميس الماضي، على ما تحمله هذه الوثيقة من بنود بالغة الأهمية على المستويات السياسية والاقتصادية والانمائية والمعيشية، إضافة الى الأمنية، حيث عاد الأمن يتصدر الاهتمامات كافة بالنظر الى خطورة ما يحصل سواء داخل بعض المخيمات الفلسطينية المحاذية للعاصمة بيروت او تلك في الجنوب، او داخل مخيمات النازحين السوريين، وتحديداً تلك في جرود القاع عرسال التي شهدت يوم أمس الجمعة ما لم يكن في الحسبان حيث فجر انتحاريون أنفسهم وسقط عدد من الجرحى العسكريين واعتقال ما يقارب الثلاثماية مسلح..

واذا كانت الاصلاحات المطلوبة في وثيقة بعبدا، تتطلب المزيد من الاعداد على اعتبار ان تراكم المشكلات لا يحل بكبسة زر، او بين ليلة وضحاها، وهي تحتاج الى دراسات تفصيلية معمقة، فإن المسألة الأمنية لا يمكن التهاون بها، لاسيما بعد تفاعل خطاب الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله في الداخل، كما في الخارج.. وهناك من يعتقد ان جلسة مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، لن تغيب عنها هذه المسألة لاسيما وأن غير فريق في ما كان يسمى بـ١٤ آذار، بات يحمّل «حزب الله» مسؤولية ما قد يحصل من تطورات على الجبهة الجنوبية، وما يعكسه ذلك، او ما يتركه ذلك من تداعيات على الوضع اللبناني عموماً، ويضع الدولة اللبنانية في موقع حرج للغاية..

في المعلومات المتوافرة، ان قرار «المستقبل»، كما قرار «حزب الله» يتقاطعان عند نقطة جوهرية وهي عدم التصعيد الى ماهو ابعد من الاختلاف السياسي، مع التزام كل فريق بخياراته وتحالفاته وعلاقاته الخارجية.. وغير جهة نصحت الرئيس بري العمل على اعادة الفاعلية لطاولة «الحوار الثنائي» بين الفريقين، وكان يتلقى تطمينات بأن «الأمور لن تفلت من عقالها» وقد التقى الطرفان عند نقاط جوهرية عديدة من بينها تشكيل الحكومة، واقرار قانون جديد للانتخابات النيابية والاتفاق على مضمون ما صدر عن لقاء بعبدا، هذا الى جانب ان الغرض الأساس من الحوار كان «تنفيس الاحتقانات المذهبية» التي حققت نتائج مهمة..

في قناعة عديدين، ان التحديات الحقيقية أمام لبنان تتمثل لجملة نقاط بالغة الأهمية، من بينها أمن الحدود الشرقية كما الأمن على الحدود الجنوبية، وترسيم الحدود البحرية مع «الكيان الاسرائيلي» ليتمكن لبنان من الحفاظ على ثرواته النفطية والغاز، تمهيداً لقرار استثمار هذه الثروة التي لا تقدر بثمن.. وبخلاف عديدين، فقد بقي الرئيس بري مواظباً على ملاحقة هذا الملف،  وعلى جميع الأصعدة والمستويات، الى ان كشف أول من أمس، عن «ان الأمم المتحدة أبلغت لبنان أنها مستعدة لرعاية ترسيم الحدود البحرية..» وهي مسألة بالغة الأهمية على رغم الحذر الشديد الذي يصيب عديدين.

تقول مصادر حكومية، ان الرئيس سعد الحريري، وبالتنسيق مع الرئيس ميشال عون والتفاهم مع الرئيس بري سيبادر الى طرح مسألة «النأي بالنفس» التي تعتمدها الحكومة، بهدف افهام كل مكونات الحكومة، ان «اللعب بالنار» ليس في مصلحة لبنان، ولا في مصلحة أي مكون من مكونات الحكومة، ولا أي فريق، خارج وداخل الحكومة.. خصوصاً وأن الضحية الكبرى لخرق هذا «الحياد الايجابي» هو العهد، ولبنان، والمستفيد الرئيس هو «إسرائيل» وأعداء العرب ولبنان.. خصوصاً وأن التطورات الميدانية على جبهة الجولان السورية، وامتدادها الى التلال اللبنانية لا يوحي بالطمأنينة، خصوصاً وأن هذه التطورات حصلت في جانب كبير منها على خلفيات دولية واقليمية، وان ليس للبنان مصلحة في استدراج المخاطر الى أراضيه، وهو سيجد نفسه في وضعية غير مريحة..

اللافت ان الرئيس عون، كما الرئيس بري تمنيا ان تبقى هذه المسألة (خطاب نصر الله) خارج التداول، أقله في المرحلة الراهنة ولا تلزم الحكومة اللبنانية بشيء ووضع كل ما يثير ويؤجج الأجواء، جانباً بهدف الحفاظ على الأجواء التضامنية داخل الحكومة، خصوصاً وأن العنوان المركزي للمرحلة المقبلة هو تفعيل عمل الحكومة، وعلى جيمع المستويات السياسية والادارية والاقتصادية والانمائية والأمنية، والتمهيد بأقصى ما يمكن للانتخابات النيابية التي يتعاطى معها عديدون وكأنها على الأبواب.. لكن ذلك لم يلق نفس الحرارة من آخرين، من الذين يسعون الى استغلال خطاب السيد نصر الله، ووضعه في مواجهة كل الانجازات المحلية التي تحققت، على خلفية ان لا صوت يعلو على صوت الدولة..».

تؤكد مصادر مقربة جداً من الرئيس عون، ان الأخير لن يألو جهداً من أجل اعادة مياه العلاقات الى مجاريها الطبيعية بين سائر الافرقاء، من دون ان يعني ذلك استنساخ الافرقاء لبعضهم البعض.. فسياسة النأي بالنفس تعنيه، كما تعني عديدين، وكانت وماتزال نهج حكومة العهد الأولى، وقد قام الرئيس الحريري بأدوار بالغة الأهمية على هذا الصعيد؟!