اذا كان صوت هدير شاحنات النفايات هو الاعلى في شوارع العاصمة، فانه عاجز عن التغطية على اصوات الخلافات والسجالات الوزارية التي تهدد بتأجيل جديد لجلسة الحكومة التي دخلت في السياق العملي دائرة تصريف الاعمال ولو بشكل غير معلن، وذلك كما كشفت معلومات سياسية مواكبة للاتصالات الجارية على اكثر من مستوى محلي واقليمي ودولي، لتطويق الازمة الناشبة بين الرئيس تمام سلام وفريق 8 آذار المطالب بتعديل آلية اتخاذ القرارات داخل حكومة المصلحة الوطنية. واوضحت هذه المعلومات ان ضجيج ازمة النفايات الذي حكم المشهد الوزاري اخيراً، قد يكون الاقل ضرراً وكلفة على الحكومة وذلك على الرغم من الفضائح والسمسمرات التي كشفها تباعاً منذ نحو عشرة ايام، واشارت الى ان ما سيشوب هذا المشهد فيما لو استمر الجمود الحكومي، يتخطى التداعيات البيئية الى تداعيات خطيرة الى الامن والاقتصاد وحتى المال وهو ما حذر منه منذ مدة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة لدى توصيفه الواقع النقدي اللبناني.
وقالت المعلومات السياسية ان العودة الى المربع الاول في الازمة الحكومية، وهي الخلاف حول تعيين قائد جديد للجيش بشكل خاص، قد تكون مفتاح التسوية، كما انها قد تشكل القشة التي ستقصم ظهر الحكومة التي صمدت مدة غير قصيرة في وجه أخطر مرحلة يمر فيها لبنان وكيانه السياسي وسط العواصف القوية التي تضرب المنطقة وجواره. واذ اعتبرت ان التعيينات العسكرية والامنية باتت قضية الساعة مع اقتراب المهل الدستورية لتحديد مصير المراكز الامنية القيادية في الاجهزة، قللت هذه المعلومات من حجم الآمال المعقودة على الحراك الذي يقوم به وزير الدفاع سمير مقبل منذ يوم الاثنين الماضي، لافتة الى ان الوصول الى وجهات نظر متقاربة بين كل المرجعيات في 8 آذار و 14 آذار وليس فقط لدى القيادات المسيحية ازاء هذا الملف، يبقى مسألة صعبة كون الاتفاق على التعيينات هو قاعدة للتوافق على ملفات اخرى قد تفوقها اهمية وفي مقدمها الشغور الرئاسي وليس آلية العمل الحكومي او التشريع في مجلس النواب المعطل.
واضافت ان وزير الدفاع قد استمع من القيادات التي زارها الى مواقف ايجابية من حيث المبدأ الذي يطرحه وهو تأييد التعيين ورفض التمديد، ولكن ترجمة هذا الامر عملياً يبدو غير ممكن في ظل الاشتباك السياسي الحالي الذي يتخذ من ملف النفايات البيئي عنواناً له بعد العناوين السياسية والامنية والمالية السابقة.
وفي سياق متصل ميّزت المعلومات ما بين قضية التعيينات وتحرك وزير الدفاع والواقع الحكومي، معتبرة ان الازمة الراهنة هي ازمة حكم وأزمة شغور رئاسي وهي تتخذ في كل مرة طابعاً مختلفاً على الارض. واكدت ان هذا الوضع يستدعي اعلان حال طوارىء وزارية للاحاطة بكل القضايا الموضوعة على طاولة الحكومة، على ان يكون في اولوياتها نقاش مستفيض حول اسباب الازمة في معالجة النفايات وما يجري تداوله من اتهامات بالصفقات وتحرك الاجهزة القضائية في هذا المجال. كذلك لفتت الى ان معالجة ازمة النفايات تؤمن سحب فتيل التصعيد من الشارع وتفجير الحكومة في آن، لكنها استدركت مؤكدة ان المعالجات لا يجب ان تكون سياسية بل قضائية مئة بالمئة لان اعلان النائب وليد جنبلاط بالامس عن «سحب يده» من اي استثمار في هذا الملف، مؤشر على وجود هدر ومحاصصة ومبالغة في الارقام المالية، وبالتالي يستوجب عرض كل الاوراق بشفافية ووضوح داخل الحكومة وامام الرأي العام.