انا احترم عدداً قليلاً من وزراء هذه الحكومة، لأنهم اثبتوا بالممارسة انهم يحترمون انفسهم ويحترمون المواطنين، واتمنى ان يكونوا خارج حكومة التفليسة هذه، التي فشلت فشلاً ذريعاً في خلال ما يقارب السنة من عمرها، و«المنجزات» الاعجازات، التي تزعم انها حققتها وتفتخر بها، ليست سوى الغام في طريق قيامة لبنان، فالموازنة هي في الحقيقة شاهد عيان على ضحالة فهم هذه الحكومة في الأمور المالية والاقتصادية، ونتائجها السيئة لن تتأخر في الظهور، والسلسلة التي اعتبرتها انجازاً كبيراً، سيثبت واقع التطبيق، انها لم تذهب الى المستحقين فحسب، بل ستفجّر ازمة في القطاع الخاص أصعب، واشد خطورة مما حدث، امّا قانون الضرائب الكارثي الذي استند الى السلسلة فجاء استكمالاً الى الجهل في الموازنة، والى «التخبيص» في السلسلة التي سوف تلتفّ على اعناق المواطنين والمشاريع القليلة التي ما زالت منتجة.
يبقى «الانجاز» الأخير، عجيبة العجائب في بلد تعددي مثل لبنان، حيث الاصطفافات الطائفية والمذهبية الحديدية، وحيث الدولة هي الاضعف، وهو قانون الانتخابات، الذي إن حصلت الانتخابات في ظلّه، سيؤدّي الى برج بابل جديد، لن يعوق بناء البرج فحسب، بل سيؤدي الى سقوطه بمن فيه.
* * * *
في ظلّ هذه «الانجازات» التي يمكن للحكومة ان تقدّمها للحصول على جائزة «نوبل» لحسن ادارة الدولة، لا بدّ من العودة الى الأساس، الى جذور المشاكل التي يعانيها لبنان، مثل تصنيفه مؤخراً من قبل البنك الدولي، بأنه يحتل المرتبة الثالثة ما قبل الأخيرة، التي يحتلّها اليمن، والثالثة التي تحتلها جيبوتي؟ «في الجهد المبذول لمحاربة الفساد»؟!
دولة عاجزة عن مقاومة الفساد، هل يحقّ لها ان تضع ضرائب على المواطنين؟!
دولة لا تجرؤ على معالجة سرطان الادارة ووجود مئات آلاف الموظفين الذين «دحشوا» في الوزارات والادارات، بعيداً من رأي مجلس الخدمة المدنية، هل يحق لهذه الدولة ان تعطيهم من عرق الناس وتعبهم واموالهم، فوق ما يتقاضونه زوراً؟!
هل يمكن لاي حكومة، ان تزيد رواتب الموظفين، قبل ان تقوم بمسح شامل لموظفي الملاك، وللموظفين على هامش الملاك، الذين تحميهم القوى الطائفية والمذهبية وتم ادخالهم خلسة؟!
يتكلم رئيس الحكومة عن اصلاحات، ويرددها من بعده العديد من الوزراء دون ان يفصح احد عن هذه الاصلاحات «الجواهر» التي لا نعرف عنها شيئاً.
فهل أوقفت الحكومة مثلاً، وفي هذه الظروف الاقتصادية الصعبة صفقة البطاقات البيومترية التي تكلف 130 مليون دولار؟!
ولماذا وافقت على اعطاء وزارة الاتصالات سلفة كبيرة، ولم تؤجّلها الى موازنة 2018 اذا كانت حقاً ضرورية؟!
هل أعادت الحكومة النظر بجدوى المجالس والصناديق التي تنفق على قاعدة، «انفق ثم اعترض» ولا احد يعترض.
لماذا تخصص الحكومة النواب بمئات ملايين الليرات، لتنفق بمعرفتهم ولا تقوم الوزارات المعنية بهذه الخدمات؟
هل تعرف الحكومة عدد المستشارين المحظيين الذين يتقاضون تعويضات من الدولة في كل وزارة وادارة، وتجمّد تعويضاتهم وتترك للوزير ان يدير شؤون وزارته بنفسه؟!
هل توقفت الحكومة أمام تصريح لرئيس حزب القوات سمير جعجع قاله بعد اجتماع لكتلته النيابية وحضره اربعة وزراء، ومضمونه «ان الهدر في الدولة كبير، والفساد اكبر واكبر».
شيء مخجل حقاً… والمخجل اكثر بقاء هذه الحكومة.