ترتدي الهواجس المسيحية من أي تعديل في الصيغة المعمول بها للتصويت في مجلس الوزراء، والتي نص عليها الدستور في مادته الـ 65، طابعاً هاماً كونها تلتقي مع احتقان في المشهد الأمني الإقليمي، كما اللبناني، ترجم في الساعات الـ 24 الماضية بعمليات متقدّمة للجيش اللبناني على الحدود الشرقية. فالقادة المسيحيون في 8 و 14 آذار على حد سواء متمسّكون بالإستعجال في انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد ويعارضون أي تطبيع مع الفراغ الرئاسي، ولكن أسلوب ترجمة هذا الإصرار على الإنتخابات لا يعبّر بشكل كافٍ عن حرصهم، إذ أن أوساطاً مقربة من رئيس الحكومة تمام سلام حملت على هذه المعارضة وإن كانت مبرّرة، واعتبرت أن مفتاح الإنتخابات ليس في الحكومة، أو في جيب رئيسها تمام سلام، بل هو في يد الأقطاب والقيادات المسيحية التي تلتقي اليوم على رفض تغيير آلية العمل الوزارية، ومن دون أن يكون في الأمر أية إساءة للرئيس سلام، الذي لا يوفّر مناسبة إلا ويدعو فيها إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة النصاب إلى الحياة الدستورية، كما سبق وأعلن منذ أيام. وأضافت الأوساط النيابية أن الكرة الرئاسية هي في الملعب المسيحي في الدرجة الأولى، وإذا كان الفراغ مستمراً، فإن المسؤولية، وبنسبة كبيرة منها، تقع على عاتق القادة الذين ما زالوا يملكون القدرة على المبادرة للوصول إلى توافق في ما بينهم حول مرشّح رئاسي توافقي غير صدامي. وكشفت أن تحقيق مثل هذا التوافق سيضع الأفرقاء السياسيين كافة أمام استحقاق الإتفاق المسيحي، مما سيمهّد إلى عملية تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وفي سياق متصل، أضافت الأوساط النيابية نفسها، أن الأطراف الإقليمية المعنية بالأزمة الرئاسية، وليس بالإنتخابات الرئاسية، ستجد نفسها أيضاً مضطرّة إلى القبول بالإتفاق اللبناني الداخلي حول الإستحقاق الرئاسي.
من جهة أخرى، اعتبرت الأوساط. أنه في الوقت الذي يجري فيه البحث عن مخرج لإعادة مجلس الوزراء إلى الإجتماع، من الملحّ التركيز أيضاً، وفي موازاة ذلك على الضغط باتجاه وضع الإستحقاق الرئاسي على نار حامية، ولكن من دون تعطيل الحكومة، بل من خلال الضغط على القوى الخارجية، لكي تبادر إلى فصل هذا الإستحقاق عن أزمات المنطقة وفكّ ارتباطه بالتسويات الإقليمية، وبالتالي، عدم إبقاء الوضع اللبناني السياسي والأمني رهينة بالكامل للصراعات الدولية والإقليمية.
وأكدت الأوساط، أن المرحلة المقبلة بالغة الخطورة، خاصة إذا ما استمرّت حالة التعطيل، وامتدّت إلى كافة مرافق الدولة، وباتت المؤسّسات تتّجه نحو الإهتراء من الداخل بفعل الشغور الرئاسي والخلافات السياسية. ولفتت إلى أن تنامي التحديات الأمنية خصوصاً وأن أحداث الحدود الشرقية في اليومين الماضيين، مؤشّر على الخطر الإرهابي المتربّص بهذه الحدود، والذي استبقه الجيش اللبناني من خلال عملية نوعية وخاطفة، وذلك للحؤول دون أي خرق أمني يستعد له المسلحون على الجانب السوري من الحدود في جرود رأس بعلبك أو عرسال.
وفي هذا الإطار، اعتبرت الأوساط نفسها، أن ذوبان الثلوج قد يدفع التنظيمات الإرهابية إلى تكرار سيناريو الإعتداءات في الجرود على مواقع الجيش، مع العلم أن الأسابيع الماضية لم تخل من عمليات عدوانية قام بها تنظيم «داعش»، وأدّت إلى استشهاد عسكريين، وذلك على الرغم من الثلوج.