الحكومة تلاقي الرغبات الدولية في تثبيت موعد الإنتخابات وإقرار الموازنة واصلاحات
مؤتمرات الدعم دلالة على استمرار سريان مفعول المظلّة الدولية على استقرار لبنان
الحصّة الراجحة لملف النازحين وباقي الدعم يذهب لقطاعات الكهرباء والمياه والبنى التحتية
في الوقت الذي باتت فيه الانتخابات النيابية الشغل الشاغل للبنانيين بكافة مستوياتهم السياسية والشعبية وهي التي سيكون لها نكهة مختلفة عن الانتخابات السابقة كونها ستجري على أساس قانون جديد مخالف تماماً لتلك القوانين التي كانت تحمل غالبية النواب بالمحادل إلى الندوة البرلمانية، فإن هناك استحقاقات أخرى لا تقل أهمية عن مسألة إنجاز الاستحقاق الانتخابي وهي تتعلق بالمؤتمرات الدولية المخصصة لدعم لبنان والتي ستنطلق اليوم من روما.
لا شك ان لبنان يعّول بالغ الأهمية على مثل هذه المؤتمرات لمساعدته على تجاوز أزماته وهو يعمل جاهداً لتفكيك كل الألغام التي تعترض سبيل هذه المؤتمرات، كون ان الدول المعنية بدعم لبنان تحتاج إلى مناخات ملائمة تجعلها مطمئنة على مصير الدعم الذي تقدمه للبنان ان عن طريق الهبات والمساعدات أو القروض الميسرة وأول هذه المطالب التي تبلغها المسؤولون هو إقرار الموازنة بالتوازي مع اجراء إصلاحات والحد من الفساد الذي يضرب الإدارات العامة، وهي أبلغت المسؤولين اللبنانيين المعنيين بصراحة بأن على لبنان القيام بخطوات عملية تسبق أو تواكب المؤتمرات الدولية المخصصة لدعمه كون انه سبق لها ان قدمت مساعدات وقروضاً مشروطة غير ان لبنان لم يلتزم بتنفيذ ما طلب منه وذهبت هذه المساعدات هباءً منثوراً، ولأن هذه الدول ستعمل على قاعدة «من جرب المجرب بيكون عقله مخرب»، الزمت لبنان القيام بخطوات عملية قبل انعقاد مؤتمرات الدعم، ويبدو ان لبنان لمس جدية المطالب الدولية وانه من دون القيام بخطوات عملية تلاقي هذا الدعم لن يحصل على الدعم الذي يحول دون جنوحه باتجاه الهاوية، فكانت السرعة في إقرار مشروع الموازنة بشكل رشيق حيث تمّ تخفيض موازنات غالبية الوزارات من دون ان يؤدي ذلك إلى فرض ضرائب ورسوم جديدة، وهذه الخطوة تشكل قوة دفع لا بل حزام أمان للدول المعنية بدعم لبنان إذ أساساً تطالب به للمضي في تقديم يد العون التزم به لبنان وهذا يُشكّل خطوة إيجابية على طريق اجراء الإصلاحات المتوجب حصولها لكي لا تذهب الأموال التي ستخصص لدعم لبنان سدى على غرار ما حصل في حقبات ماضية.
وفي رأي مصادر مطلعة ان مجرّد انعقاد هذه المؤتمرات الداعمة للبنان هو دلالة واضحة على استمرار الدول المشاركة في هذه المؤتمرات في احتضان لبنان واعتبار استقراره خطاً أحمر بالنسبة إليها.
وترفض هذه المصادر ما يقال عن شروط محددة للدول الداعمة، وهي تضع ما يطالب به هؤلاء في خانة الدعوة لتوفير الظروف المسهلة لعقد هذه المؤتمرات عن طريق تحسين الوضع الأمني والإقتصادي والتخفيف من حدة الصراع السياسي الذي لطالما كان له تأثيرات سلبية على مجمل الوضع العام.
وتعرب المصادر عن اعتقادها بأن إقرار الموازنة التي تشكّل الحجر الأساس المطلوب للاصلاحات المالية والاقتصادية سيكون سريعاً، بحيث لن تأخذ المدى الزمني نفسه التي كان يحتاجه إقرار الموازنة في السنوات السابقة، إذ ان هناك توجهاً بأن يكون هناك جلسات مكثفة في الليل والنهار للجنة المال لإقرار المشروع ورفعه إلى الهيئة العامة التي يتوقع ان تصادق عليه مطلع نيسان المقبل على حدّ ما قاله الرئيس نبيه برّي امام زواره. ومجرد إقرار الموازنة التي ستكون مترافقة مع جملة إصلاحات سيقوي من عزم لبنان في هذه المؤتمرات وسيجعل الدول الداعمة غير مترددة في تقديم يد المساعدة باعتبار ان لبنان قرّر اتخاذ الخطوات الواجب اتخاذها لتأمين الممر الآمن لما سيناله من دعم من قبل الدول المشاركة في هذه المؤتمرات.
وتأتي أهمية مؤتمرات الدعم باعتقاد المصادر كونها تأتي في مرحلة يعيش فيها لبنان ظروفاً صعبة حيث زاد ملف النازحين السوريين الطين بلة بالنسبة لتردي الوضع الاقتصادي في لبنان، وبما ان من أهداف هذه المؤتمرات دعم الاستقرار العام في لبنان لا سيما على مستوى المؤسسات, ودعم الاقتصاد، والمساهمة في معالجة أزمة النازحين، ودعم الجيش اللبناني، فإن من مصلحة لبنان تأمين الظروف الملائمة لالتئام هذه المؤتمرات والاستفادة قدر الإمكان مما سيقدم له من دعم بآليات مختلفة وتوظيفها في المكان المناسب، لأنه في حال لا سمح الله ارتطمت هذه المؤتمرات بعوائق فإن الإرتدادات السلبية على لبنان ستكون وخيمة، لأنه من الصعب إيجاد ظروف مشابهة لهذه الظروف لانعقاد مثل هكذا مؤتمرات في ظل الأزمات والتوترات التي تلف المنطقة، وانطلاقاً من وعي أهمية انعقاد المؤتمرات الدورية كانت السرعة في مناقشة الموازنة في مجلس الوزراء ومن ثم إحالتها إلى مجلس النواب حيث هناك توجهات جدية بتمريرها في أقرب وقت.
وتعتبر المصادر ان مؤتمر «سيدر واحد» يأتي في مقدمة المؤتمرات الداعمة من حيث الأهمية، وقد أشار إلى ذلك بوضوح الكلام الذي كان قاله الرئيس سعد الحريري لجهة ان الحكومة اللبنانية تحمل مشاريع تقدر بـ16 مليار دولار لانعاش الاقتصاد اللبناني على مدى العشر سنوات المقبلة.
مع الإشارة إلى ان هذه المشاريع تتوزع على قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات، وهذا الأمر سيؤدي بالتأكيد إلى المساهمة في تعزيز الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، ناهيك عن ضمان استمرار المظلة الدولية الراعية للاستقرار في لبنان، واستمرار اعتبار هذه الدول بأن استقرار وسيادة لبنان يبقيان خطاً أحمر بالنسبة لها.