من القصص القديمة المتداولة قصة الضفدع المغلي. وهي تتحدث عن ضفدع اذا تمّ إلقاؤه مباشرة في الماء الساخن فانه سيقفز فوراً من الوعاء طلباً للنجاة. أما اذا وضع في ماء معتدل الحرارة وبدأ تسخين الماء ببطء فان الضفدع سيبقى في الماء الساخن ويتأقلم معه، ولا يشعر بالخطر، وقد ينفق وهو غافل عما يجري حوله!…
من المخاوف الكبرى أن يكون نظام الديموقراطية اللبنانية يمرّ اليوم في مرحلة مشابهة لتجربة الضفدع المغلي! وفي مرحلة العهود الأولى من الاستقلال كان يمكن لأي شغور رئاسي أن يحدث صدمة كبرى للمجتمع مشابهة لقفزة الضفدع من الماء الساخن! أما بعد الحرب الداخلية الطويلة، وسلسلة الأزمات المتناسلة في الوطن، فقد غيّرت بعض ملامح هذا المناخ. وأصبح لاحقاً من المقبول التمديد للمجالس تحت ضغط الحاجة والضرورة، وكذلك التمديد لولاية رئيس الجمهورية. وهذا التمديد الرئاسي كان في حدّ ذاته هو التمهيد العملي لتقبل لاحقاً الشغور الرئاسي، وذلك على طريقة تسخين المياه ببطء حول الضفدع!
ردود فعل غالبية من السياسيين حول الجلسة الأخيرة الخامسة والثلاثين غير مكتملة النصاب لانتخاب الرئيس، كانت باهتة ولا تعبّر عن شعور بالصدمة، وبعضها كان أشبه بثرثرة التانتات في الصالونات! وهو واقع يشبه حال الضفدع في مرحلة التسخين البطيء للماء الذي يغمره! وهذا ما ينطبق أيضاً على الحكومة وجلساتها الموسمية المتباعدة، وعلى وقوع التشريع في الكوما. وبلغ التسخين في الوعاء اللبناني حدّ الحَظر، واعتبار العجز والشلل الحكومي على انه حكمة، والصبر الطويل على المخازي على انه بعد نظر وقدرة على التحمّل! وتقبل المجتمع اللبناني – السياسي والشعبي – لواقع الغرق تحت النفايات لنحو سبعة أشهر، هو الدليل على ان مصيره كمصير الضفدع المغلي!
أجرى علماء معاصرون تجربة علمية وعملية للتثبت من صحة رواية الضفدع المغلي، وتبيّن لهم ان غريزة الحياة لدى الضفدع تدفع به في النهاية الى القفز من الوعاء عندما توشك درجة الحرارة على ان تبلغ مرحلة الغليان! فهل ينطبق ذلك على المجتمع اللبناني – السياسي والشعبي – فيقفز من الوعاء المغلي قبل أن تتحوّل هذه الحكومة الى حكومة تفليسة لبنان؟!