IMLebanon

حكومة “السوبر وزراء”!

نشأ عرف جديد واكب المسار الحكومي المتعثر بأزمة آلية اتخاذ القرارات، اجماعاً أو تصويتاً، عبر ظاهرة تنامي شخصية الوزير المستقل الذي يستقوي بواقع صلاحية استثنائية وفرها له “حق الفيتو” الذي بات اشبه بعرف إضافي أملته أزمة الفراغ الرئاسي وبات من الصعوبة الكبيرة انتزاعها منه. لعبت هذه الظاهرة الدور الاساسي في وجهين ايجابي وسلبي اكتسبتهما الشخصية الوزارية في حكومة الرئيس تمّام سلام مما يستأهل الإضاءة عليها عَل في ذلك ما يساهم في فكفكة عقدة الآلية التي لا تزال تجرجر ذيولها.

في الإطار الإيجابي اولاً، ومن خارج اطار ما يجري تداوله حيال الازمة الحالية، لا يمكن اغفال الاهمية التي تكتسبها انجازات ذات اتجاهات اصلاحية، ولو تصاعدت ملاحظات حول شوائب موضوعية تخترقها، والتي نرى نماذج لها مثلاً في حملات وزارات الصحة والمال والاتصالات والاقتصاد والبيئة والزراعة بتفاوت الدرجات، ومن الطبيعي ان تتقدمها السياسات الامنية والدفاعية في خطط الجيش والقوى الامنية بما يرتبط بوزارتي الدفاع والداخلية. والمقصود هنا هو ان حكومة بهذا الواقع الانتقالي يمكنها “التباهي” بأنها انجزت في ولاية مأزومة ما لم تتمكن من انجازه حكومة اخرى سابقة في ظروف اقل صعوبة لجهة التوازن المعقول بين الانجازات النسبية والحفاظ على الاستقرار.

أما في الجانب السلبي، فإن “السوبر وزير” الذي تنامت صلاحية منحه حق تعطيل قرار حكومي، سواء كان القرار يتصل بوزارته او بوزارة سواه، شكل لدى بعض الافرقاء،  لئلا نأخذ الجميع بالتعميم الظالم وغير المنصف، الفرصة التي لا تتكرر لتصفية حسابات معتقة في الخصومات السياسية والحزبية والشخصية من جهة او لكي “يتنمر” بعضهم في استخدام الصلاحية الفضفاضة. وبدا طبيعياً والحال هذه ان يبلغ مسار الحكومة هذا الدرك المأزوم في ضوء هذا النشاز الدستوري والسياسي.

قد لا نغالي إن تخوفنا من ان ظواهر اهتراء تضرب الحكومة راهناً بفعل الجانب السلبي من استخدام السلطة الاستثنائية للوزير أكثر من عامل احتدام التنافسات والمزايدات المسيحية التي اشعلتها ازمة الآلية في وجه صدمة ارادها رئيسها لإعادة تقويم انتاجيتها. وهو امر نجم عنه الوقوع في حفرة دستورية وسياسية لا تغني رئيس الحكومة في معالجتها أنغام الملاطفة المتعاقبة التي يتلقاها من الجميع، فيما نلحظ بمنتهى الصراحة ان القدرة على اعادة لملمة الواقع الحكومي باتت اصعب بكثير من التبسيط الذي يجري تعميمه خصوصاً من جانب قوى كانت هي أصل الازمة ومسببها الحقيقي. بذلك لا نرى أمام الطريق المسدود سوى ذهاب رئيس الحكومة الى الصدمة الثانية التي يجب ان تصوب الشواذ وتكفل اعادة الوزير وزيراً، فهل تراه قادراً على الاستدراك بعد؟